للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنس بن مالك عن النبي قال: يجاء بابن آدم يوم القيامة فيوقف بين يدي الله تعالى فيقول له: أعطيتك، وخولتك، وأنعمت عليك، فماذا صنعت؟ فيقول: يا رب جمعته وثمرته (١) فتركته أكثر ما كان، فأرجعني آتك (٢) به فيقول الله تعالى: أرني ما قدمت، فيقول: يا رب جمعته وثمرته فتركته أكثر ما كان فأرجعني آتك به، فيقول: فإذا عبد لم يقدم خيرًا، فيمضى به إلى النار. خرجه ابن العربي في سراج المريدين (٣) وزاد فيه (٤) بعد قوله يوم القيامة: كأنه بَذَجٌ، وقال فيه: حديث صحيح من مراسيل الحسن، وقال الهروي (٥): كأنه بذج من الذل. قال أبو عبيد (٦): هو ولد الضأن وجمعه: بذجان، وقال الجوهري: (٧): البذج من الضأن بمنزلة العتود من أولاد المعز، وأنشدوا (٨):

قد هلكت جارتنا من الهمج … وإن تجع تأكل عتودًا أو بذج

قلت: وقوله: "ما منكم من أحد "مخصوص بما ذكرناه في الباب قبل، أي ما منكم ممن لا يدخل الجنة بغير حساب، ومن أمتي إلا وسيكلمه الله، والله أعلم.

فتفكر في عظيم حيائك إذا ذكرك ذنوبك شفاهًا؛ إذ يقول: يا عبدي أما استحييت مني فبارزتني بالقبيح، واستحييت من خلقي فأظهرت لهم الجميل، أكنت أهون عليك من سائر عبادي؟ استخففت بنظري إليك فلم تكثرث به واستعظمت نظر غيري، ألم أنعم عليك؟ فماذا غرك بي؟.

وعن ابن مسعود قال: ما منكم من أحد إلا سيخلو الله به كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر ثم يقول: يا ابن آدم ما غرَّك بي؟ يا ابن آدم ماذا


(١) في (ظ): أثمرته.
(٢) في (الأصل): آتيك، وتصويبه من (ع، ظ، م، الزهد لابن المبارك).
(٣) لم أهتد إلى موضعه في سراج المريدين المخطوط.
(٤) (وزاد فيه): مكررة في (الأصل).
(٥) في غريب الحديث له ١/ ١٦٤.
(٦) قاله في كتابه الغريبين في الكتاب والسنة ١/ ١٥٩.
(٧) في الصحاح له ١/ ٢٩٩.
(٨) استشهد به الجوهري على المعنى الذي ذكره، والنيسابوري في مجمع الأمثال له ١/ ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>