للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي الفقراء هم السابقون، وفي مقدار المدة التي بها يسبقون، ويرتفع الخلاف عن الموضع الأول بأن يرد مطلق حديث أبي هريرة إلى مقيد روايته الأخرى، وكذلك حديث جابر يرد أيضًا إلى حديث عبد الله بن عمرو (١) ويكون المعنى فقراء المسلمين المهاجرين، إذ المدة فيهما أربعين (٢) خريفًا، ويبقى حديث أبي سعيد الخدري في المدة بخمسمائة عام، ووجه الجمع بينهما: أن يقال: إن سُبّاق الفقراء من المهاجرين يسبقون سُبّاق الأغنياء منهم بأربعين خريفًا، وغير سُبّاق الأغنياء بخمسمائة عام.

وقد قيل: إن حديث أبي هريرة وجابر يعم جميع فقراء (٣) قرون المسلمين، فيدخل الجنة سُبّاق فقراء كل قرن قبل (٤) غير السبّاق من أغنيائهم بخمسمائة عام على حديث أبي هريرة ، وقبل السبّاق بأربعين خريفًا على حديث جابر، والله أعلم.

[فصل]

قلت: وقد احتج بأحاديث هذا الباب من فَضّل الفقير على الغني (٥)، وقد اختلف الناس في هذا المعنى وطال فيه الكلام بينهم حتى صنفوا فيه كتبًا وأبوابًا (٦) واحتج كل فريق لمذهبه في ذلك، والأمر قريب في ذلك إن شاء الله تعالى، وقد سئل (٧) أبو علي الدقاق: أي الوصفين أفضل؟ الغنى أو (٨) الفقر؟ فقال: الغنى؛ لأنه وصف الحق (٩) سبحانه، [والفقر وصف الخلق، ووصف


(١) في (الأصل): عمر، والتصويب من (ع، ظ، م).
(٢) هكذا في جمع النسخ وتخرج على تقدير نزع الخافض هكذا: إذ المدة فيهما مقدرة بأربعين خريفًا.
(٣) في (الأصل): الفقراء، والتصويب من (ظ، م).
(٤) من هذا الموضع قطع في (ع).
(٥) في (ظ، م): من فضّل الفقر على الغنى.
(٦) في (ظ): وطال فيه الكلام بينهم وصنفوا فيه كتبًا وأبوابًا، والأصل متوافق مع (م).
(٧) نهاية القطع في (ع).
(٨) في (ظ): أم.
(٩) في (الأصل): الحق سبحانه، وما أثبته من (ع، ظ، م).

<<  <  ج: ص:  >  >>