للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحق] (١) أفضل من وصف الخلق، قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥)[فاطر: ١٥]، وبالجملة: فالفقير بالحقيقة العبد وإن كان له مال، وإنما يكون غنيًا إذا عوّل على مولاه، ولم ينظر إلى أحد سواه، فإن تعلق [باله] (٢) بشيء من الدنيا ورأى نفسه أنه فقير إليه فهو عبده، قال رسول الله : "تعس عبد الدينار"، الحديث، خرجه البخاري (٣) وغيره (٤)، [وقد كتبناه في كتاب قمع الحرص بالزهد والقناعة ورد ذل السؤال بالكسب والصناعة (٥)، وتكلمنا عليه وبيناه والحمد لله] (٦)، وإنما شرف العبد افتقاره إلى مولاه وعزه خضوعه له ولقد أحسن من قال:

وإذا تذللت الرقاب تواضعًا … منا إليك فعزها في ذلها

فالغني المتعلق البال (٧) بالمال الحريص عليه الراغب فيه هو الفقير حقيقة وعادمه الذي يقول: ما أبالي (٨) به ولا لي رغبة فيه، إنما هي ضرورة العيش، فإذا وجدتها فغيرها زيادة يشغل عن الإرادة، فهو الغني حقيقة، قال : "ليس الغنى [عن] (٩) كثرة العرض، وإنما الغنى غنى النفس"، خرَّجه مسلم (١٠).

وأخذ عثمان بن سعدان الموصلي (١١) هذا المعنى فقال:

تقنع بما يكفيك واستعمل الرضى … فإنك لا تدري أتصبح أم تمسي

فليس الغنى عن كثرة المال إنما … يكون الغنى والفقر من قبل النفس


(١) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ، م).
(٢) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ، م).
(٣) في صحيحه ٣/ ١٠٥٧، ح ٢٧٣٠.
(٤) وابن ماجه في سننه ٢/ ١٣٨٥، ح ٤١٣٥؛ والطبراني في الأوسط ٤/ ٢٣٦، ح ٤٠٧٣.
(٥) في (ع) بالكتب والشفاعة، وما أثبته من (ظ) وهو الصواب، وهو في ص (٢٩) من الكتاب.
(٦) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٧) في (الأصل): فالمعنى المعلق البال، وما أثبته من (ع، ظ، م).
(٨) في (الأصل): لا أبالي، وما أثبته من (ع، ظ، م).
(٩) ما بين المعقوفتين من (ع، م، مسلم).
(١٠) في صحيحه ٢/ ٧٢٦، ح ١٠١٥١.
(١١) لم أقف على من ترجم له، أو ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>