للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وقد أشبعنا القول في هذا في كتاب قمع الحرص (١)] (٢).

قلت: وهنا (٣) درجة ثالثة رفيعة، وهي الكفاف وهي التي سألها رسول الله فقال: "اللهم اجعل رزق آل محمد قوتًا"، وفي رواية: "كفافًا"، خرجه مسلم (٤). ومعلوم أنه لا يسأل إلا أفضل الأحوال وأسنى المقامات والأعمال، وقد اتفق الجميع على أن ما أحوج من الفقر مكروه، وما أبطر من الغنى مذموم، وفي سنن ابن ماجه (٥) عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : "ما من غني ولا فقير إلا ود يوم القيامة أنه أوتي من الدنيا قوتًا".

[فالكفاف حالة متوسطة بين الغنى والفقر، وقد قال عليه الصلاة

والسلام: "خير الأمور أوساطها (٦) " (٧)، وهو (٨) حالة سليمة من آفات الغني المطغي، وآفات الفقر المدقع الذي كان يتعوذ منها النبي ، وكانت أفضل منها (٩)، ثم إن حالة صاحب الكفاف حالة الفقر إذ لا يترفه في طيبات الدنيا، ولا في زهرتها فكانت حاله إلى الفقراء (١٠) أقرب، فقد حصل له ما حصل للفقير من الثواب على الصبر (١١) وكفي مرارته وآفاته، وعلى هذا فأهل الكفاف هم إن شاء الله صدر كتيبة الفقراء الداخلين الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام؛ لأنهم وسطهم والوسط: العدل، كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة: ١٤٣] أي عدلًا خيارًا، وليسوا من الأغنياء كما ذكرنا وبالله توفيقنا.


(١) ص (١٢٠).
(٢) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٣) في (ع، ظ): وبقيت هنا.
(٤) الرواية الأولى في صحيحه ٢/ ٧٣٠، ح ١٠٥٥، والثانية أيضًا في مسلم ٤/ ٢٢٨١.
(٥) ٢/ ١٣٨٧، ح ٤١٤٠ قال الألباني: ضعيف جدًّا، انظر ضعيف سنن ابن ماجه ص (٣٤٠)، ح ٩٠٤.
(٦) في (ظ) أوسطها، وما أثبته من (ع، ومصنف ابن أبي شيبة وشعب الإيمان للبيهقي).
(٧) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ٧/ ١٧٩، ح ٣٥١٢٨؛ والبيهقي في شعب الإيمان ٥/ ٢٦١، ح ٦٦٠١.
(٨) في (ظ): هي.
(٩) في (ظ): منهما.
(١٠) في (ظ): الفقر.
(١١) من هذا الموضع قطع في (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>