للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك، فيتضرعون إلى الله تعالى أن يمحو عنهم تلك السمة فيمحوها الله عنهم، فلا يعرفون بها بعد ذلك من أهل الجنة.

وذكر أبو نعيم (١) الحافظ أيضًا عن أبي عمران الجوني قال: بلغنا أنه إذا كان يوم القيامة أمر الله بكل جبار وكل شيطان، وكل من يخاف الناس شره في الدنيا فيوثقون بالحديد (٢) ثم أمر بهم إلى النار ثم أوصدها عليهم، أي أطبقها، فلا والله لا تستقر أقدامهم على قرارها أبدًا، ولا والله لا ينظرون إلى أديم سماء أبدًا، ولا والله لا تلتقي جفونهم (٣) على غمض نوم أبدًا، ولا والله لا يذوقون فيها بردًا (٤)، ولا شرابًا أبدًا.

قال: ثم يقال لأهل الجنة: يا أهل الجنة فتحوا اليوم الأبواب فلا تخافوا شيطانًا ولا جبارًا، وكلوا واشربوا بما أسلفتم في الأيام الخالية، قال أبو عمران: هي والله يا إخوتاه أيامكم هذه.

[فصل]

قوله: فيرش عليهم من الماء فينبتون كما تنبت الحبة من حميل السيل، وجاء في حديث أبي سعيد الخدري المتقدم (٥) [ثم يقال] (٦): يا أهل الجنة أفيضوا عليهم من الماء، والمعنى واحد، والنبات معروف، وهو خروج الشيء، والحِبّة بكسر الحاء بذور البقول، وحميل السيل ما احتمله من طين [وغثاء] (٧)، فإذا اتفق أن يكون فيه حبة فإنها تنبت في يوم وليلة، وهي أسرع نابتة نباتًا، فشبه النبي سرعة نبات أجسامهم (٨) بسرعة نبات تلك الحبة، وفي التنزيل: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً﴾ [الحج: ٦٣]، [وقوله: "وأطولهم مكثًا من يمكث فيها مثل الدنيا منذ خلقت إلى


(١) في الحلية ٢/ ٣١٢.
(٢) في (الحلية) في الحديد.
(٣) في (ع): أجفانهم، وفي (الحلية): جفون أعينهم.
(٤) في (ع، الحلية) باردًا.
(٥) ص (٧٦٩).
(٦) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٧) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٨) في (ع، ظ): أجسادهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>