للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا وهو قابل للهلاك فيهلك إن أراد الله به ذلك إلا وجهه أي إلا هو (١) سبحانه فإنه تعالى قديم والقديم لا يمكن أن يفنى وما عداه مُحْدَث، والمحدث إنما يبقى قدر ما يبقيه محدِثه، فإذا حبس البقاء عنه فني، ولم يبلغنا في خبر صحيح ولا عليل (٢) أنه يهلك العرش فلتكن الجنة مثله (٣).

[فصل]

قوله في الحديث: "ومن قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب"، للعلماء فيه تأويلان (٤)، أحسنها وأجملها ما ذكره القاضي أبو بكر بن العربي قال: أخبرني غير واحد من أصحابنا عن إمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني أنه سئل هل الباري في جهة فقال: لا، هو متعال (٥) عن ذلك، قيل له: و (٦) ما الدليل عليه؟ قال الدليل عليه قول النبي : "لا تفضلوني على يونس بن متى"، فقيل له: و (٧) ما وجه الدليل من هذا الخبر؟ فقال: لا أقوله حتى يأخذ ضيفي هذا ألف دينار يقضي بها دينًا، فقام رجلان (٨) فقالا: هي علينا، فقال: لا يتبع بها اثنين؛ لأنه يشق عليه، فقال واحد هي عليّ، فقال: إن يونس بن متى رمى بنفسه في البحر فالتقمه الحوت وصار في قعر البحر في ظلمات ثلاث ونادى ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: ٨٧] كما أخبر الله، ولم يكن


(١) قال الإمام أبو المظفر السمعاني بعد تفسير الآية السابقة: وقد ذكر الله تعالى الوجه في أحد عشر موضعًا من القرآن، قد بينا أنه صفة من صفات الله، يؤمن به على ما ذكره الله تعالى. انظر: تفسير القرآن له ٤/ ١٦٤.
(٢) في (ع) ظ): معلول.
(٣) نهاية النقل من كتاب المنهاج للحليمي.
(٤) لعل التأويل الثاني ما ذكره أبو العباس أحمد بن عمر وهو: أن هذا كان قبل أن يوحى إليه بالتفضيل لقوله تعالى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾، انظر: كتابه المفهم ٦/ ٢٢٨ - ٢٢٩.
(٥) في (ع): يتعالى.
(٦) (الواو): ليست في (ع).
(٧) (الواو): ليست في (ع، ظ).
(٨) في (ع) رجلين، وهو خطأ نحوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>