للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد حين جلس على الرفرف الأخضر وارتقي به صعدًا حتى انتهى به إلى موضع يسمع فيه صريف الأقلام، وناجاه ربه بما ناجاه به وأوحى إليه ما أوحى بأقرب إلى الله من يونس في ظلمة البحر (١).

المؤلف: فالله سبحانه قريب من عباده يسمع دعاءهم ولا يخفى عليه حالهم كيف ما (٢) تصرفت من غير مسافة بينه وبينهم، فيسمع ويرى دبيب النملة السوداء في الصخرة الصماء في الليلة الظلماء تحت الأرض السفلى، كما يسمع ويرى تسبيح حملة العرش من فوق السبع السماوات العلى سبحانه لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا،


(١) وقد نظم ابن القيم في نونيته قصة أبي المعالي المشار إليها منتقدًا لها بقوله:
ولقد وجدت لفاضل منهم مقا … مًا قامه في الناس منذ زمان
قال اسمعوا يا قوم إن نبيكم … قد قال قولًا واضح البرهان
لا تحكموا بالفضل لي أصلًا على … ذي النون يونس ذلك الغضبان
هذا يرد على المجسم قوله … الله فوق العرش والأكوان
ويدل أن إلهنا سبحانه … وبحمده يُلفى بكل مكان
قالوا له بيِّن لنا هذا فلم … يفعل فأعطوه من الأثمان
ألفًا من الذهب العتيق فقال في … تبيانه فاسمع لذا التبيان
قد كان يونس في قرار البحر تحت … الماء في قبر من الحيتان
ومحمد صعد السماء وجاوز الـ … سبع الطباق وجاز كل عنان
وكلاهما في قربه من ربه … سبحانه إذ ذاك مستويان
إلى قوله:
فاحمد إلهك أيها السني إذ … عافاك من تحريف ذي بهتان
والله ما يرضى بهذا خائف … من ربه أمسى على الإيمان
هذا هو الإلحاد حقًّا بل هو … التحريف محضًا أبرد الهذيان
واللهِ ما بلي المجسم قط ذي ال … بلوى ولا أمسى بذي الخذلان
أمثال ذا التأويل أفسد هذه ال … أديان حين سرى إلى الأديان
والله لولا الله حافظ دينه … لتهدمت منه قوى الأركان
انظر: توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة ابن القيم ١/ ١٨٧ - ١٨٩ لأحمد بن إبراهيم.
(٢) (ما): ليست في (ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>