للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

أيُّها النَّاسُ قد آن للنائِم أن يستيقظَ مِن نومِهِ، وحَانَ للغافِلِ أن ينتَبَه من غفلتِهِ قبلَ هجوم الموتِ بمرارةِ كؤوسِهِ، وقبلَ سُكونِ حركاتِهِ، وخمود أنفاسه، ورحلتِهِ إلى قبره (١) ومقامِهِ بينَ أَرْماسِهِ (٢).

ورُوِيَ عن عمر بن عبد العزيز (٣) أنّه كتب إلى أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يُوصِيهم، فكان فيما أوصاهم به أن كتب إليهم: أما بعدُ، فإني أوصيكُمْ بتقوى الله العظيم، والمراقبة له، واتخذوا التقوى والورعَ زادًا فإنكم في دارٍ عمَّا قريبٍ (٤) تنقلبُ بأهلِها، والله في عرصاتِ القيامةِ وأهوالِها يسألُكُمْ عن الفتيل والنقيرِ، فالله الله عباد الله اذكروا الموتَ الذي لا بد منه، واسمعوا قول الله سبحانه: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [آل عمران: ١٨٥]، وقوله ﷿: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦)[الرحمن: ٢٦]، وقوله: ﴿فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (٢٧)[محمد: ٢٧].

فقد بلغني والله أعلم وأحكم (٥) أنهم يُضربون بسياط من نار، وقال تعالى: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١)[السجدة: ١١].

١ - وقد بلغني (٦) والله أعلم وأحكم أنّ مَلَكَ المَوْتِ رأسُه في السماءِ ورجلاه


(١) (إلى قبره) ليست في (ظ).
(٢) الرَمْس: تراب القبر، الصحاح ٣/ ٩٣٦.
(٣) لم أقف على من ذكر هذه الرواية عنه.
(٤) في (ظ): قليل.
(٥) (وأحكم): ليست في (ع، ظ).
(٦) هذه البلاغات من (١ إلى ١٠) التي ذكرها المصنف رحمه الله تعالى في صفة ملك الموت لم يذكر ما يدل عليها؛ وبالتالي لا يُعتقد إلا ما صح فيه دليل، وإن كان القصد مجرد التخويف من ملك الموت فالواجب علينا أن نخاف الله وحده؛ لأن الملائكة والنار خلقٌ من خلق الله تعالى لا يعذبان أحدًا إلا بأمره تعالى، فحق ملك الموت علينا أن نحبه؛ لطاعته الله وامتثال أمره بقبض أرواح الخلائق كغيره من بقية الملائكة الذين نحبهم كجبرائيل الموكل بالوحي وميكائيل الموكل بالقطر، ونعتقد أن الله أعطى ملك الموت قدرة عظيمة تمكنه من قبض أرواح الخلائق مهما كثُر عدد الموتى، واختلفت بلدانهم وأزمانهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>