للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شأن والده الذي قتل في غير المعركة هل يدفنه بدمه ولا يغسله على اعتبار أنه من قتلى المعركة، أم يغسله على اعتبار أنه من سائر الموتى، فذهابه لأكثر من شيخ ليستفتيه في ذلك فيه دليل على أن المؤلف كان في ذلك الوقت في مرحلة طلب العلم أيام الشباب، فإذا علمنا أن تاريخ مقتل والده كان سنة (٦٢٧ هـ)، فلو قدرنا أنه كان حين ذهابه يستفتي في أمر دفن والده في العام السابع عشر إلى الثالث والعشرين من عمره، فيكون تاريخ مولده التقريبي ما بين سنة أربع وستمائة وسنةِ عشر وستمائة (٦٠٤ إلى ٦١٠ هـ)، فإذا علمنا أن المؤلف توفي سنة (٦٧١ هـ) فعلى التقدير الأول يكون المصنف قد عاش ٦٧ سنة، وعلى التقدير الثاني يكون قد عاش ٦١ سنة، ويُستأنس لهذا التقدير بقوله : "أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك" (١) والله أعلم.

[نشأته]

لم تذكر لنا المصادر شيئًا عن نشأة القرطبي أو عن أسرته؛ والسبب في ذلك والله أعلم أن العدو لما استولى على قرطبة وأرغم أهلها على الهجرة منها لا زال القرطبي في مرحلة طلب العلم، وعادة المؤرخين أن يؤرخوا لمشاهير العلماء، وقبل أن يشتهر القرطبي بالعلم في بلده سقطت قرطبة في أيدي العدو، كما أن المؤلف توفي بعيدًا عنها. إلا أن القرطبي أخبرنا في كتابه التذكرة بنوع عمل كان يعمله في زمن الشباب حيث يقول: "ولقد كنت في زمن الشباب أنا وغيري ننقل التراب على الدواب من مقبرة عندنا تُسمى بمقبرة اليهود خارج قرطبة، وقد اختلط بعظام مَن هناك ولحومهم وشعورهم وأبشارهم


(١) أخرجه ابن ماجه في سننه ٢/ ١٤١٥، ح ٤٢٦٣ واللفظ له؛ والترمذي في سننه ٥/ ٥٥٣، ح ٣٥٥٠؛ وأبو يعلى الموصلي في مسنده ١٠/ ٣٩٠، ح ٥٩٩٠؛ كلهم من حديث أبي هريرة ، قال الترمذي: هذا حسن غريب، وقال الهيثمي: رواه أبو يعلى، وفيه شيخ هشيم ولم يُسم، وبقية رجاله رجال الصحيح، انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد له ١٠/ ٢٠٦؛ وقال الألباني: حسن صحيح، انظر: صحيح سنن ابن ماجه له ٢/ ٤١٥، ح ٣٤١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>