للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسجر جهنم؛ قال الحافظ أبو الخطاب: والحكمة في ذلك أنه يفرغ إلى شفاعة أمته، ولو لم يؤمنه لكان مشغولًا بنفسه كغيره من الأنبياء.

الفائدة الخامسة: أن سائر الأنبياء لم يروا قبل يوم القيامة شيئًا منها فإذا رأوها جزعوا وكفت ألسنتهم عن الخطبة والشفاعة من هولها وشغلتهم أنفسهم عن أممهم، فأما نبينا وشفيعنا محمد فقد رأى جميع ذلك فلا يفزع منه مثلما فزعوا ليقدر على الخطبة وهو المقام المحمود الذي وعده به ربه في القرآن، وثبت عنه في صحيح السنة.

الفائدة السادسة: فيه دليل فقهي على أن الجنة والنار قد خلقتا خلافًا للمعتزلة المنكرين لخلقها، وهو يجري على ظاهر القرآن في قوله تعالى: ﴿أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٣] ﴿وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ﴾ [النساء: ٣٧]، والإعداد دليل على الخلق والإيجاد.

الفائدة السابعة: ويحتمل أنه أراه إياها ليعلم خسة الدنيا في جنب ما أراه فيكون في الدنيا أزهد وعلى شدائدها أصبر؛ حتى يؤديه إلى الجنة، فقد قيل: حبذا محنة تؤدي بصاحبها إلى الرخاء، وبؤسًا بنعمة تؤدي بصاحبها إلى البلاء.

الفائدة الثامنة: ويحتمل أن الله أراد أن لا يكون لأحد كرامة لا تكون لمحمد مثلها، ولما كان لإدريس كرامة الدخول إلى الجنة قبل يوم القيامة أراد الله سبحانه أن يكون ذلك أيضًا لصفيه، ونجيه، وحبيبه، وأمينه على وحيه محمد (١) وشرّف، وكرّم، وعظّم، وبجل، ووقر. قال جميعه الحافظ أبو الخطاب بن دحية في كتاب الإبهاج (٢) في حديث المعراج]] (٣).

باب منه وفي كلام جهنم وذكر أزواجها وأنه لا يجوزها (٤) إلا من عنده جواز

روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال: حدثنا أنس بن مالك قال: نزل


(١) (محمد): ليست في (ظ).
(٢) في (ظ): الابتهاج.
(٣) ما بين المعقوفتين المزدوجتين من (ع، ظ) والأصل متوافق مع (م).
(٤) في (ظ): لا يجوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>