للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي عنه أنه قال: "كفى بالموت واعظًا" (١).

وقيل له: يا رسول الله، هل يحشر مع الشهداء أحد؟ قال: "نعم من يذكر الموت في اليوم والليلة عشرين مرة" (٢).

وقال السّدي (٣) في قوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الملك: ٢] أي: أكثرُكُم (٤) للموتِ ذكرًا، وله أحسَنُ استعدادًا، ومنه أشد خوفًا وحذرًا (٥).

[فصل]

(٧) قال علماؤنا (٦) رحمة الله عليهم: قوله (٧) : "أكثروا ذكرَ هادمِ اللذات": الموت كلامٌ مختصرٌ وجيزٌ، قد جمع التذكرة، وأبلغ في الموعظةِ، فإنّ مَن تذكرَ (٨) الموْتَ حقيقة ذكرِهِ نغْصَ عليه لذتَه الحاضرة، ومنعه من تمنِّيها في المستقبلِ، وزهّدَه فيما كان مِنْها يؤملُ، ولكن (٩) النفوسَ الرّاكدة، والقلوبَ الغافلة تحتاجُ إلى تطويل الوعّاظِ، وتزويق الألفاظِ، وإلا ففي قوله : "أكثروا ذكرَ هادم اللّذاتِ "معَ قولِهِ تَعَالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾


=الأسفار في الأسفار للحافظ العراقي ٢/ ١٢٠٢، ح ٤٣٤٤.
(١) رواه أحمد في الزهد عن عمار بن ياسر ص (١٧٦)، ورواه نعيم بن حماد في زوائد الزهد لابن المبارك عن ابن مسعود ص (٣٧)، ح ١٤٨، وقد صححه الشيخ الألباني موقوفًا، وضعفه مرفوعًا، انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة ٢/ ١ رقم ٥٠٢؛ وهذا القول مشهور أيضًا عن الفضيل بن عياض، انظر: سير أعلام النبلاء ٨/ ٣٨٨.
(٢) قال الحافظ العراقي: لم أقف له على إسناد، المغني ٢/ ١١٤٠، ح رقم ٤١٣٤.
(٣) إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة، الإمام، المفسر، أبو محمد الحجازي، ثم الكوفي السُّدي. توفي سنة ١٢٧ هـ انظر: سير أعلام النبلاء ٥/ ٢٦٤ - ٢٦٥.
(٤) في (ظ): أكثرهم.
(٥) ذكره الماوردي في تفسيره ٦/ ٥٠؛ وانظر: تفسير السدي ص (٤٥٨).
(٦) القائل هو: أبو محمد عبد الحق في كتابه العاقبة ص (٣٨).
(٧) في (ع): في قوله.
(٨) في (ع): ذكر.
(٩) في (ع): لكن.

<<  <  ج: ص:  >  >>