للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

قلت: هذه الأحاديث مع صحتها نص في خلود أهل الدارين فيها لا إلى غاية ولا أمد معين، على الدوام والسرمد من غير موت، ولا حياة، ولا راحة، ولا نجاة (١) كما قال في كتابه الكريم وأوضح فيه من عذاب الكافرين: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا﴾ [فاطر: ٣٦ - ٣٧] (٢)، وقال: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾، وقال: ﴿فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (٢١) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا﴾ [الحج: ١٩ - ٢٢]. وقد تقدمت (٣) هذه المعاني كلها، فمن قال إنهم يخرجون منها وأن النار تبقى خالية بجملتها خاوية على عروشها، وأنها تفنى وتهلك فهو خارج عن مقتضى العقول ومخالف لما جاء به الرسول وما أجمع عليه أهل السنة والأئمة العدول: ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥]، وإنما تُخلى جهنم وهي الطبقة العليا التي فيها العصاة من أهل التوحيد، وهو الذي ينبت على شفيرها فيما يقال الجرجير.

قال فضل بن صالح المعافري: كنا عند مالك بن أنس ذات يوم فقال لنا انصرفوا، فلما كان العيشة رجعنا إليه فقال: إنما قلت لكم انصرفوا لأنه جاءني رجل يستأذن عليّ يزعم (٤) أنه قدم من الشام في مسألة فقال: يا عبد الله ما تقول في أكل الجرجير فإنه متحدث عنه أنه ينبت على شفير جهنم؟ فقلت له: لا بأس به، فقال: أستودعك الله وأقرأ عليك السلام، ذكره الخطيب أبو بكر أحمد .

وذكر أبو بكر البزار (٥) عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن عمرو بن


(١) في (الأصل): ولا تحايل، وما أثبته من (ع، ظ).
(٢) وفي (ع، ظ): إلى قوله: ﴿نَصِيرٍ﴾.
(٣) ص (٧٨٨).
(٤) في (ع، ظ): زعم.
(٥) في مسنده ٦/ ٤٤٢، ح ٢٤٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>