للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينصره (١)، وهتكًا لستر المنافق في البرزخ من قبل أن يبعث حتى يحل عليه العذاب قاله أبو عبد الله الترمذي (٢).

[فصل]

إن قيل (٣): كيف يخاطب الملكان جميع الموتى وهم مختلفو الأماكن، متباعدو القبور في الوقت الواحد، والجسم الواحد (٤) لا يكون في المكانين في الوقت الواحد؟ وكيف تنقلب الأعمال أشخاصًا وهي في نفسها أعراض؟!

فالجواب عن الأول: ما جرى ذكره (٥) في هذا الخبر من عظم (٦) جثتيهما فيخاطبان الخلق الكثير الذين في الجهة الواحدة منهم في المرة الواحدة مخاطبة واحدة، يخيل لكل واحد منهم أن المخاطب هو دون من سواه، ويكون الله تعالى يمنع سمعه من مخاطبة الموتى لهما، ويسمع هو مخاطبتهما أن لو كانوا (٧) في قبر واحد، وقد تقدم (٨) أن عذاب القبر يسمعه كل شيء إلا الثقلين، والله سبحانه يسمع من يشاء وهو على كل شيء قدير (٩).

والجواب عن الثاني: أن الله تعالى يخلق من ثواب الأعمال أشخاصًا حسنة وقبيحة، لا أن العرض نفسه ينقلب جوهرًا، إذا ليس من قِبلِ الجواهر، ومثل هذا ما صح في الحديث: "أنه يؤتى بالموت كأنه كبش أملح


(١) في (ظ): لتثبيته ونصره.
(٢) نوادر الأصول ٣/ ٢٢٦ - ٢٢٧.
(٣) في (ع، ظ): قال قائل.
(٤) في (الأصل) والجسم والواحد ويبدو أن الواو مقحمة بين الكلمتين؛ لأن المعنى لا يساعد على وجودها والتصويب من (ع، ظ).
(٥) في (ع، ظ): ما جرى من ذكرهما.
(٦) في (ع): عظيم.
(٧) في (ع، ظ): أن لو كانوا معه.
(٨) ص (٣٥١ - ٣٥٢).
(٩) لا داعي لهذا الشرح والذي هو مجرد ظن في هذا المقام، وإنما يكفي أن الشارع أخبرنا بذلك، أما كيف يكون؟ فهذا لا يعلمه إلا الله ، وأما أمثال هؤلاء الذين أوردوا مثل هذه الشبهة فيدعون أولًا إلى الإيمان بالله وأنه على كل شيء قدير، فإذا آمنوا بذلك أخبرناهم أن هذا الإله القدير الذي آمنتم به أخبر بوقوع ما سألتم عنه، وهذا يكفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>