للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصلٌ

وقد رأيت أن أصل بهذه (١) الحكاية حكايات في الشيب على سبيل الوعظ، والتذكر (٢)، والتخويف، والتحذير.

حُكِي (٣) عن بعض المترفين أنه رفض ما كان عليه (٤) بغتة على غير تدريج فسُئل عن السبب (٥) فقال ما معناه: كانت لي أمة لا يزيدني طول الاستمتاع (٦) منها (٧) إلا غرامًا بها، فقلَّبت شعرها يومًا فإذا فيه شعرتان بيضاوان، فأخبرتها فارتاعت، وقالت: أرني، فأريتها، فقالت: جاء الحق وزهق الباطل، اعلم أنه (٨) لو لم تُفترض عليّ طاعتك لما أويت إليك، فدع لي ليلي، أو نهاري؛ لأتزود فيه لآخرتي، فقلت: لا، ولا كرامة، فغضبت وقالت: أتحول بيني وبين ربي وقد آذنني بلقائه؟ اللهم بدل حبه لي بغضًا، قال: فبت وما شيء أحب إليّ من بعدها عني، وعرضتها للبيع، فأتاني من أعطاني بها (٩) ما أريد، فلما عزمت على البيع بكت، فقلت: أنت أردت هذا، فقالت: والله ما اخترت عليك شيئًا من الدنيا، هل لك إلى ما هو خير من ثمني؟ قلت: ما هو؟ قالت: تعتقني لله ﷿، فإنه أملك لك منك لي (١٠)، وأعود عليك منك عليّ (١١)، فقلت: قد فعلت، فقالت: أمضى الله صفقتك، وبلغك أضعاف عملك (١٢)، وتزهدت، فبغضت إليّ الدنيا ونعيمها (١٣).


(١) في (ع، ظ): هذه.
(٢) في (ع): التذكير، وفي: (ظ) الذكر.
(٣) في (ظ): يحكى.
(٤) في (ع، ظ): ما كان فيه.
(٥) في (ع): عن ذلك.
(٦) في (ع، ظ): الاستماع.
(٧) في (ظ): بها، وهي أقرب إلى السياق.
(٨) في (ع): اعلم أني.
(٩) في (ع، ظ): فيها.
(١٠) في (ظ): أملك منك لي.
(١١) في (ع): وأعود منك عليّ.
(١٢) في (ع): أملك.
(١٣) في (ع): فتزهدت وبغضت إليّ الدنيا، وتزهد معها، وفي (ظ): وتزهدت وبغضت الدنيا ونعيمها، قال الذهبي في ترجمة سفيان الثوري: شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، سيد العلماء العاملين في زمانه، كان رأسًا في الزهد والتّألُّه والخوف، ثم أورد قول هذا الإمام في الزهد الذي يبين فَهمه وفهم أئمة السلف له: "ليس الزهد بأكل الغليظ ولبس الخشن؛ ولكنه قِصَرُ الأمل وارتقاب الموت، وقال: الزهد زهدان: زهد فريضة =

<<  <  ج: ص:  >  >>