للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويخالطون الناس حتى يأتي لأحدهم أربعون سنة، فإذا (١) أتت عليهم اعتزلوا الناس (٢).

تنبيه: هذا الباب هو الأصل في إعذار الحكام إلى المحكوم عليهم مرة بعد أخرى، وكان هذا لطفًا بالخلق؛ ولينفذ القيام عليهم بالحق.

يُحْكى (٣) عن بعض العلماء كان (٤) يميل إلى الراحات كثيرًا، وكان يخلو في بستان له بأصحابه فلا يأذن لأحد سواهم، فبينا (٥) هو في البستان رأى شخصًا (٦) يتخلل الشجر، فغضب وقال: من أذن لهذا؟! وجاء الرجل فجلس أمامه، وقال: ما ترى في رجل ثبت عليه حق فزعم أن له مَدَافِعَ (٧) تدفعه عنه (٨)، فقال: يَتَلَوّمُ له (٩) الحاكم بقدر ما يرى، قال السائل: قد ضرب له الحاكم أجالًا فلم يأت بمنفعة له (١٠)، ولا أقلع عن اللَّدَدِ (١١) والمدافعة. قال: يقضي عليه، قال: فإن الحاكم رفق به، وأمهله أكثر من خمسين سنة. فأطرق الفقيه، وتحدّر عرق وجهه. وذهب السائل، ثم إن العالم أفاق من فكرته فسأل عن السائل، فقال البواب: ما دخل إليكم ولا خرج من عندكم أحد، فقال لأصحابه: انصرفوا، فما كان يرى (١٢) إلا في مجلس يُذكر فيه العلم.


(١) في (ظ): قال فإذا.
(٢) إن صحت الرواية عن الإمام مالك فتوجيهها: أن الإمام لم يرد جميع العلماء، وإنما أراد البعض، وهذا البعض إنما فعل هذه العزلة لوجود غيرهم من العلماء الذين يرشدون الأمة ويفتونهم، والله أعلم.
(٣) في (ظ): حُكي.
(٤) في (ع، ظ): أنه كان.
(٥) في (ع): فبينما.
(٦) في (ع): رجلًا.
(٧) جمع: مَدْفَع، والمراد موانع تمنعه من الموت، انظر: القاموس المحيط ص (٩٢٤).
(٨) في (ع): معلومًا يدفعه عنه، وفي (ظ): مدافعة تدفع عنه.
(٩) والتَلَوّم: الانتظار والتمكّث، الصحاح ٥/ ٢٠٣٤، وفي (ع): ينظره.
(١٠) (له): ليست في (ع).
(١١) في (ظ) التلدد، واللَّدَدُ: شدة الخصومة، الصحاح ٢/ ٥٣٥.
(١٢) في (ع): يرى بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>