للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سقاهم الموت كأسًا غير صافية … فصيرتهم لأطباق الثرى رهنا (١)

وروي أن ملك الموت دخل على داود [] (٢) فقال: من أنت؟ قال (٣): من لا يهاب الملوك، ولا تمنع منه القصور، ولا يقبل الرشا، قال: فإذًا أنت (٤) ملك الموت ولم أستعد بعد، قال: يا داود أين فلان جارك؟ أين فلان قرينك (٥)؟ قال: مات، قال: أما كان (٦) في هؤلاء عبرة لتستعد (٧).

وقيل: كمال العقل (٨)، الذي تعرف به (٩) حقائق الأمور ويفصل به (١٠) بين الحسنات والسيئات، فالعاقل يعمل لآخرته، ويرغب فيما عند ربه، فهو نذير والنذير بمعنى الإنذار، والإنذار والإعذار قريب بعضه من بعض، وأكبر (١١) الإعذار إلى بني آدم بعثة الرسل إليهم، ثم الشيب، أو غيره كما بينا. وجعل الستين غاية الإعذار؛ لأن الستين قريب من معترك العباد وهو سن الإنابة، والخشوع، والاستسلام لله، وترقب المنية ولقاء الله، ففيه إعذار بعد إعذار، وإنذار بعد إنذار: الأول بالنبي ، والثاني بالشيب وذلك عند كمال الأربعين، قال الله تعالى: ﴿وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ﴾ [الأحقاف: ١٥]، فذكر الله (١٢) ﷿ أن (١٣) من بلغ الأربعين فقد آن له أن يعلم مقدار نعم الله عليه وعلى والديه، ويشكرهما (١٤).

قال مالك : أدركت أهل العلم ببلدنا وهم يتطلبون (١٥) الدنيا،


(١) عزاها صاحب نفح الطيب أيضًا لابن أبي زمنين ٣/ ٥٢٥.
(٢) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٣) في (ع): فقال.
(٤) في (ظ): فأنت.
(٥) في (ع، ظ) قريبك.
(٦) في (ع): كان لك.
(٧) ذكره الزمخشري في كتابه ربيع الأبرار ٤/ ١٨٦، والأثر من الإسرائيليات.
(٨) ما زال المصنف يورد الأقوال في معنى النذير، وهذا القول للماوردي في تفسيره ٤/ ٤٧٦.
(٩) في (ع): به تعرف، وفي الأصل: يعرف بها وتصويبه من (ظ).
(١٠) (به): ليست في (ع، ظ).
(١١) في (ع، ظ): أكثر.
(١٢) لفظ الجلالة ليس في (ع، ظ).
(١٣) (أن): ليست في (ع).
(١٤) في (ظ): يشكر لهما.
(١٥) في (ع، ظ): يطلبون.

<<  <  ج: ص:  >  >>