للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[آل عمران: ١٨٥] ما يكْفِي السامعَ له، ويشغلُ (١) الناظرَ فيه (٢).

وكان أميرُ المؤمنين: عمر بن الخطّاب كثيرًا ما يتمثل بهذهِ الأبيات (٣):

لا شيء ممّا تَرَى تبقى بشاشتُهُ … يبقى الإلهُ ويُودى (٤) المال والولد

لم تُغْنِ عنْ هُرْمُزَ يومًا خزائنُهُ … والخلدَ قد حاولت عادٌ فما خلَدُوا

ولا سليمان إذ تجري الرياحُ لَهُ … والإنسُ والجنُ فيما بينها برِدُ (٥)

أينَ الملوكُ التي كانتْ لِعزتِها … مِن كُل أوبٍ إليها وافدٌ يفدُ

حَوْضٌ هنالِكَ مورودٌ بلا كذب … لا بُدَّ مِن وِرْدِهِ يومًا كما وَرَدُوا (٦)

[فصل]

إذا ثبت ما ذكرناه فاعلم أن ذكر الموت يورث استِشعار الانزعاج عن هذه الدار الفانيةِ، والتوجه في كل لحظة إلى الآخرة الباقية، ثم إن الإنسان لا ينفك عن حالتي ضيق، وسَعةٍ، ونِعمة، ومِحنة (٧)، فإن كان في حال ضيق، ومحنَةٍ (٨) فذكرُ الموت يسَهل عليه بعض ما هو فيه فإنه لا يدوم، والموتُ أصعبُ منه، أو في حال نعمة وسعة، فذكر الموت يمنع من (٩) من


(١) في (الأصل): ويشتغل، والتصويب من (ع، ظ، والعاقبة).
(٢) إلى هنا انتهى قول أبي محمد.
(٣) في (ع، ظ): كثيرًا ينشد هذه الأبيات.
(٤) في الصحاح ٦/ ٢٥٢١: أودى فلان، أي هلك.
(٥) في (الأصل): يردُ، وفي الأغاني: تجري بينها البرد، وما أثبته من (ع، ظ)؛ لقربه مما في الأغاني؛ ولأن البَرَد يأتي بمعنى ثبوت الحق على الآخرين، والخصومة يوم القيامة بين الإنس والجن معلومة، وانظر: الصحاح ٢/ ٤٤٦.
(٦) جزء من قصيدة طويلة لورقة بن نوفل، أوردها أبو الفرج الأصبهاني في كتابه الأغاني ٣/ ١١٥؛ وذكر أبو داود السجستاني في كتابه الزهد ص (٩٦) البيت الأول منها عن عمر .
(٧) في (ظ) تقديم وتأخير: حالتي ضيق، ونعمة، ومحنة، وسعة.
(٨) (فإن كان في حال ضيق، ومحنَةٍ): ليست في (ظ).
(٩) في (ع، ظ): يمنعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>