للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

قال علماؤنا (١) رحمة الله عليهم في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران: ١٦١] إن ذلك على الحقيقة كما بينه رسول الله ، أي يأتي به حاملًا له على ظهره ورقبته، معذبًا بحمله وثقله، ومرعوبًا بصوته وموبخًا بإظهار خيانته على رؤوس الأشهاد، وكذا مانع الزكاة كما في صحيح الحديث.

قال أبو حامد (٢): "فمانع زكاة الإبل يحمل بعيرًا على كاهله له رغاء وثقل يعدل الجبل العظيم، ومانع زكاة البقر يحمل ثورًا على كاهله له خوار وثقل يعدل الجبل العظيم، [ومانع زكاة الغنم يحمل شاة لها ثغاء وثقل يعدل الجبل العظيم] (٣) والرغاء والخوار والثغاء كالرعد القاصف، ومانع زكاة الزرع يحمل على كاهله أعدالًا [قد ملئت] (٤) من الجنس الذي كان قد يبخل به بُرًّا كان أو شعيرًا أثقل ما يكون ينادي تحته (٥) بالويل والثبور، ومانع زكاة المال يحمل شجاعًا أقرع له زبيبتان وذنبه قد انساب في منخره (٦) واستدارت بجيده وثقل على كاهله كأنه طُوّق بكل رحى في الأرض، وكل واحد ينادي مثل هذا، فتقول الملائكة هذا ما بخلتم به في الدنيا رغبة فيه وشحًا عليه، وهو قوله تعالى: ﴿سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران: ١٨٠] ".

قلت: وهذه الفضيحة التي يوقعها الله تعالى بالغال ومانع (٧) الزكاة نظير الفضيحة التي يوقعها بالغادر، وجعل الله تعالى هذه (٨) المعاقبات حسب ما يعهده البشر ويفهمونه، ألا ترى إلى قول شاعرهم (٩):


(١) لم أتعرف على القائل.
(٢) في كتاب كشف علوم الآخرة ص (٧٦ - ٧٧).
(٣) ما بين المعقوفتين من (ع، وكشف علوم الآخرة).
(٤) ما بين المعقوفتين من (ع، وكشف علوم الآخرة).
(٥) في (الأصل): تحت، وتصويبه من (ع، وكشف علوم الآخرة).
(٦) في (ع): منخريه.
(٧) في (ع): مانعي.
(٨) في (الأصل): هذا، وتصويبه من (ع).
(٩) لم أقف على القائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>