للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التجسيم (١)، وقد تقدم (٢) القول في هذا المعنى عند قوله: ويطوي الله السماء بيمينه، وإنما المعنى: أن الله تعالى يخرج من النار خلقًا كثيرًا لا يأخذهم عدد، ولا يدخلون تحت حصر فيخرجهم دفعة واحدة بغير شفاعة أحد ولا ترتيب خروج، بل كما يلقي القابض الشيء المقبوض عليه من يده مرة واحدة، ذلك بالحفنة، والحثوة، والقبضة، والله أعلم.

[باب أمة محمد شطر أهل الجنة وأكثر]

مسلم (٣) عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : "يقول الله تعالى يا آدم فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك، قال (٤): يقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ فقال: من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعون، قال: فذلك حين يشيب الصغير ﴿وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ قال: فاشتد عليه (٥)، قالوا: يا رسول الله أينا ذلك الرجل؟ قال: أبشروا فإن من يأجوج مأجوج ألفًا ومنكم رجل، قال: ثم قال: والذي نفسي بيده إني


(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ثم هؤلاء قالوا لمن أثبت أنه يرضى، ويغضب، ويحب، ويبغض، أو من وصفه بالاستواء، والنزول، والإتيان، والمجيء، أو بالوجه، واليد، ونحو ذلك، هذا يقتضي التجسيم لأنا لا نعرف ما يوصف بذلك إلا ما هو جسم، قالت لهم المثبتة: فأنتم قد وصفتموه بالحياة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر والكلام، وهذا هكذا فإذا كان هذا لا يوصف به إلا الجسم فالآخر كذلك، وإن أمكن أن يوصف بأحدهما ما ليس بجسم فالآخر كذلك، فالتفريق بينهما تفريق بين المتماثلين، ولهذا لما كان الرد على من وصف الله تعالى بالنقائض بهذه الطريق طريقًا فاسدًا لم يسلكه أحد من السلف والأئمة، فلم ينطق أحد منهم في حق الله بالجسم لا نفيًا ولا إثباتًا، ولا بالجوهر، والتحيز، ونحو ذلك لأنها عبارات مجملة لا تحق حقًّا ولا تبطل باطلًا، ولهذا لم يذكر الله في كتابه فيما أنكره على اليهود وغيرهم من الكفار ما هو من هذا النوع بل هذا هو من الكلام المبتدع الذي أنكره السلف والأئمة، انظر: فتاوى ابن تيمية ٣/ ٨١ بتصرف يسير.
(٢) ص (٥٠٣).
(٣) في صحيحه ١/ ٢٠١، ح ٢٢٢.
(٤) (والخير في يديك، قل): ليست في (ظ).
(٥) في (ظ): فاشتد ذلك عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>