للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

قوله: إذا فرغ الله، مشكل (١)، وفي التنزيل: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (٣١)[الرحمن: ٣١] ومعناه: المبالغة في التهديد والوعيد من الله ﷿ لعباده، كقول القائل: سأفرغ لك وإن لم يكن مشغولًا عنك بشغل، وليس بالله تعالى شغل، تعالى عن ذلك.

وقيل: المعنى (٢) سنقصد لمجازاتكم وعقوبتكم، كما يقول القائل لمن أريد تهديده: إذن أتفرغ لك، أي أقصد قصدك. وفرغ بمعنى: قصد وأحكم، وأنشد ابن الأنباري في هذا الجرير (٣): (٤)

الآن وقد فرغت إلى نمير … فهذا حين كنت لها عذابًا

يريد: وقد قصدت نحوه، فمعنى فرغ الله القضاء من بين العباد أي تمم عليهم حسابهم وفصل بينهم، لا أنه يشغله شأن عن شأن، عن ذلك.

[باب ما يرجى من رحمة الله تعالى ومغفرته وعفوه يوم القيامة]

قال الحسن: يقول الله تعالى يوم القيامة: جوزوا الصراط بعفوي وأدخلوا الجنة برحمتي، واقتسموها بأعمالكم (٥).

وقال : "ينادي منادٍ من تحت العرش، يا أمة محمد أما ما كان لي


(١) ليس مشكلًا على قواعد أهل السنة والجماعة الذين يثبتون ما جاء عن الله تعالى وما جاء عن رسول الله على مراد الله تعالى ومراد رسوله ، إثباتًا بلا تمثيل وتنزيهًا بلا تعطيل، بخلاف أهل الكلام الذين يشبهون الله تعالى أولًا بخلقه، ثم ينفون أن يؤولون ما جاء عن الله تعالى وثبت عن رسوله ثانيًا؛ لذا كان هذا المعنى الذي ذكره المؤلف مشكلًا على قواعد أهل الكلام، وقد جاء في صحيح البخاري ما يبين أن مثل هذا معروف في الاستعمال عند العرب، قال الله قوله تعالى: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ﴾ سنحاسبكم، لا يشغله شيء عن شيء وهو معروف في كلام العرب يقال لأتفرغن لك وما به شغل، صحيح البخاري ٤/ ١٨٤٧، وبما في صحيح البخاري فسر ابن كثير الآية، انظر: تفسيره ٤/ ٢٧٥.
(٢) (المعنى): ليست في (ظ).
(٣) في (ع، ظ): قال جرير.
(٤) لم أجده في ديوان جرير المطبوع.
(٥) لم أقف على هذا الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>