للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكم من شيخ وضع يده على لحيته ويقول: واشيبتاه واطول حسرتاه، وأضعف قوتاه، وكم من كل ينادي: وامصيبتاه، وأطول مقاماه، وكم من شاب ينادي واأسفاه (١) واشباباه على تغيير حسناه (٢)، وكم من امرأة قبضت على ناصيتها وشعرها وهي تنادي واسوأتاها واهتك (٣) ستراها، فيبكون ألف عام، فإذا النداء من قبل الله تعالى: يا مالك: أدخلهم النار الباب الأول فيها، فإذا همت النار أن تأخذهم (٤) يقولون بأجمعهم (٥): لا إله إلا الله، فتفر النار خمسمائة عام (٦)، ثم يأخذون في البكاء فتشتد أصواتهم، وإذا النداء من قبل الله تعالى: يا نار خذيهم، يا مالك أدخلهم الباب الأول من النار، فعند ذلك يسمع لها صلصلة كالرعد القاصف، فإذا همت النار أن تحرق القلوب زجرها مالك، وجعل يقول: لا تحرقي قلبًا فيه القرآن، وكان وعاء الإيمان، فإذا بالزبانية قد جاءوا بالحميم ليصبوه في بطونهم، فيزجرهم مالك فيقول: لا تدخلوا الحميم بطونًا أخمصها رمضان، ولا تحرق النار جباهًا سجدت الله تعالى فيعودون فيها حممًا كالغاسق (٧) المحلولك (٨) والإيمان يتلألأ في القلوب" (٩)، وسيأتي (١٠) لهذا مزيد بيان في آخر أبواب النار إن شاء الله تعالى، نجانا الله منها ولا جعلنا ممن يدخلها فيحترق فيها بفضله وكرمه.


(١) (وا أسفاه): ليست في (ع).
(٢) في (كشف علوم الآخرة): وا تغيير حسناه، وفي (ظ): وا حسرتاه على تغيير حسناه.
(٣) في (ع): وهتك.
(٤) في (ظ): بأخذهم.
(٥) في (الأصل، ع): بجمعهم، والتصويب من (ظ، وكشف علوم الآخرة).
(٦) في (ظ): فتفر النار منهم خمسمائة عام، وفي (كشف علوم الآخرة): فتفر النار منهم مسيرة خمسمائة عام.
(٧) الغسق أول ظلمة الليل، انظر: الصحاح ٤/ ١٥٣٧.
(٨) في (ع): المحلول، وفي (ظ): المحكوك، والأصل متوافق مع مصدر المؤلف، وفي الصحاح ٤/ ١٥٨١ أيضًا: حلك الشيء يحْلُكُ حُلُوكَةً: اشتد سواده، وحلولك مثله. اهـ. وهو المناسب لما في الأصل والمصدر.
(٩) هذا الحديث من الغيب الذي لا يعرف إلا بدليل صحيح، وقد تقدم قول الحافظ ابن حجر أن الغزالي يورد في كتابه كشف علوم الآخرة أحاديث لا أصل لها.
(١٠) ص (٩١٣ - ٩١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>