للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه مستوفى في الصفات من كتاب الأسنى في شرح أسماء الحسنى وصفاته العلي (١)، والحمد لله.

[فصل]

واختلف الناس في حشر البهائم وفي القصاص بعضها من بعض، فروي عن ابن عباس : إن حشر الدواب والطير موتها (٢)، وقاله الضحاك (٣).


= قال الله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾، وقال: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾، وقال: ﴿إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي﴾ فهذا منصوص القرآن، فأما ما قالوا أن الله لا يتكلم، ولا يكلم، فكيف يصنعون بحديث الأعمش عن خيثمة عن عدي بن حاتم الطائي قال: قال رسول الله : "ما منكم من أحد إلا سيكلم ربه ليس بينه وبينه ترجمان"، وبسط الكلام عليهم إلى أن قال: قد أعظمتم على الله الفرية حين زعمتم أنه لا يتكلم فشبهتموه بالأصنام التي تعبد من دون الله؛ لأن الأصنام لا تتكلم ولا تتحرك ولا تزول من مكان إلى مكان. مجموع الفتاوى ٨/ ٤١٩ باختصار.
قال شيخ الإسلام: ولهذا قال أئمة السنة: لم يزل الله متكلمًا كيف شاء، وبما شاء، كما ذُكرت الآثارُ بهذه المعاني عن ابن المبارك وأحمد بن حنبل وغيرهما، هذا وقد أخبر سبحانه عن نفسه بالنداء في أكثر من عشرة مواضع فقال تعالى: ﴿فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾، وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٦٢)﴾ ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (٦٥)﴾. . . إلخ، واستفاضت الآثار عن النبي والصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة السنة أنه سبحانه ينادي بصوت، نادي موسى، وينادي عباده يوم القيامة بصوت، ويتكلم بالوحي بصوت، ولم ينقل عن أحد من السلف أنه قال إن الله يتكلم بلا صوت أو بلا حرف، ولا أنه أنكر أن يتكلم الله بصوت أو بحرف كما لم يقل أحد منهم إن الصوت الذي سمعه موسى قديم ولا أن ذلك النداء قديم ولا قال أحد أن هذه الأصوات المسموعة من القراء هي الصوت الذي تكلم الله به، بل الآثار مستفيضة عنهم بالفرق بين الصوت الذي يتكلم الله به وبين أصوات العباد، وكان أئمة السنة يعدون من أنكر تكلمه بصوت من الجهمية كما قال الإمام أحمد لما سئل عمن قال: أن الله لا يتكلم بصوت، فقال: هؤلاء جهمية إنما يدورون على التعطيل. انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية ١٢/ ٣٠٤ - ٣٠٥.
(١) ٢/ ١٩٥.
(٢) ذكره الطبري في تفسيره ٧/ ١٨٨.
(٣) هذا القول ذُكر معناه منسوبًا لابن عباس ، ولم أقف على من ذكر قول الضحاك، انظر: تفسير الطبري ٣٠/ ٦٧؛ والبغوي ٤/ ٤٥١؛ والماوردي ٦/ ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>