للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي عن ابن عباس (١) في رواية أخرى: إن البهائم تحشر وتبعث.

وقاله أبو ذر، وأبو هريرة [وعمرو بن العاص (٢)] (٣) والحسن [البصري] (٤) وغيرهم وهو الصحيح لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥)[التكوير: ٥] وقوله: ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ [الأنعام: ٣٨]، قال أبو هريرة : يحشر الله الخلق كلهم يوم القيامة البهائم، والطير، والدواب، وكل شيء، فيبلغ من عدل الله يومئذٍ (٥) أن يأخذ للجماء من القرناء، ثم يقول: كوني ترابًا، فذلك قوله تعالى حكاية عن الكفار: ﴿وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا﴾، ونحوه عن ابن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص (٦).

وفي الخبر: أن البهائم إذا صارت ترابًا يوم القيامة حول ذلك التراب في وجوه الكفار، فذلك قوله تعالى: ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (٤٠)[عبس: ٤٠]، أي غبار (٧).

وقالت طائفة: الحشر في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ راجع إلى الكفار. وما يتخلل من قوله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٣٨] كلام معترض، وإقامة حجج. وأما الحديث: فالمقصود منه التمثيل على جهة تعظيم [أمر] (٨) الحساب والقصاص والاعتبار فيه (٩) حتى يفهم منه أنه لا بد لكل أحد منه (١٠) وأنه لا


(١) لم أقف على من ذكر قول ابن عباس هذا، واستدل النووي على حشر البهائم ثم بعثها بالحديث الصحيح: "يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء"، انظر: شرح النووي على مسلم ١٦/ ١٣٦.
(٢) ذكر قوله نعيم بن حماد في الفتن ٢/ ٦٢٥.
(٣) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٤) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٥) (يومئذٍ): ليست في (ع، ظ).
(٦) ذكره الطبري في تفسيره ٣٠/ ٢٦.
(٧) ذكره الطبري في تفسيره ٣٠/ ٦٣.
(٨) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ، م).
(٩) في (الأصل): الإعيا فيه، وفي (ع): والإغياء فيه، وفي (م): الأغيا فيه، وتصويبه من (ظ)، ويؤيد ما في (ظ) ما جاء بعد أربعة أسطر من المتن: فيظهر من هذا أن المقصود: التمثيل المفيد للاعتبار والتهويل.
(١٠) في (ع): لكل واحد منهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>