للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محيص لمخلوق عنه. وعضدوا ذلك بما روي في غير الصحيح عن بعض رواته من الزيادة، فقال: "حتى يقاد للشاة الجلحاء (١) من الشاة القرناء، وللحجر لما ركب الحجر، وللعود لما خدش العود" (٢)، قالوا (٣): فيظهر (٤) من هذا أن المقصود: التمثيل المفيد للاعتبار والتهويل؛ لأن الجمادات لا تعقل خطابها (٥) ولا عقابها وثوابها، ولم يصر إليه أحد من العقلاء، ومتخيله من جملة المعتوهين الأغبياء أجاب بعض من قال بالقول الأول (٦) (٧) بأن قال: إن من الحكمة الإلهية أن لا يجري أمر من أمور الدنيا والآخرة إلا على سنة مسنونة (٨) وحكمة موزونة (٩).

ومن قال هنا بما قالته طائفة من المتوسمة بالعلم المتسمة بالفقه والفهم على الزعم: أن الجامد لا يفقه، والحيوان غير الإنساني لا يعقل وإنما هو ميز (١٠) في الحيوان ولسان حال في الجامد والنامي، وقال: إن الله تعالى


(١) في (ع، ظ): الجماء.
(٢) إلى قوله : "القرناء"، أخرجه مسلم في صحيحه ٤/ ١٩٩٧، ح ٢٥٨٢؛ والترمذي في جامعه ٤/ ٦١٤، ح ٢٤٢٠؛ وأحمد في مسنده ٢/ ٤١١، ح ٩٣٢٢.
(٣) في (ع): وقالوا.
(٤) في (ع، ظ): فظهر.
(٥) في (ع): خطاياها.
(٦) (بالقول الأول): ليست في (ع، ظ).
(٧) جاء في هذا الموضع من (ع، ظ): إنها تحشر وتبعث.
(٨) في (الأصل): منسوبة، وما أثبته من (ع، ظ).
(٩) قال الطبري: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال إن الله تعالى أخبر أن كل دابة وطائر محشور إليه، وجائز أن يكون معنيًا بذلك حشر القيامة، وجائز أن يكون معنيًا به حشر الموت، وجائز أن يكون معنيًا به الحشران جميعًا، ولا دلالة في ظاهر التنزيل، ولا في خبر عن النبي أي ذلك المراد بقوله: ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ إذ كان الحشر في كلام العرب الجمع، ومن ذلك قول الله تعالى: ﴿وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ﴾ يعني مجموعة، فإذا كان الجمع هو الحشر وكان الله تعالى جامعًا خلقه إليه يوم القيامة، وجامعهم بالموت كان أصوب القول في ذلك أن يعم بمعنى الآية ما عمَّه الله بظاهرها، وأن يقال: كل دابة وكل طائر محشور إلى الله بعد الفناء وبعد بعث القيامة إذ كان الله تعالى قد عم بقوله: ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ ولم يخصص به حشرًا دون حشر، جامع البيان ٧/ ١٨٩.
(١٠) في (الأصل): منه، وتصويبه من (ع، ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>