للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول في الضالين المكذبين: ﴿أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ﴾ [الأعراف: ١٧٩]، ولو كان عندها عقل أو فهم ما نزل بالكافر الفاسق إلى درجتها في موضع التقصير والتنقيص (١)، والله سبحانه قد وصفه بالموت والصمم في موضع التبصير والتذكير فقال: ﴿وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ﴾ [النمل: ٨٠، الروم: ٥٢]، وقال: ﴿أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ﴾ [الزخرف: ٤٠] [وقال] (٢): ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٨] (٣). قيل له: ليس الأمر كما ذكرت، ولا الحق على شيء مما زعمت، وأنه ليس عليك من حق الزعم ورؤية النفس في درجة العلم أبدًا من الآية التي وقعت (٤) فيها إلى التي قبلها، إن شئت فارجع بصرك في (٥) الذي رأيت تجده قد وصفهم ﷿ بالموت والصمم كما وصفهم بالعمي والبكم، وليس (٦) في الحقيقة الظاهرة بموتى ولا صم ولا بعميان، ولا بكم، وإنما هم أموات بالعقول والأذهان عن صفات (٧) الإيمان، وحياة دار الحيوان صم عن كلمة الأحياء، عمي عن النظر في مرآة وجوه الأخلاء، ذلك (٨) وصف الأنعام بضلال وليست في الحقيقة بضلال من حيث شرعتها وحكمتها، وإنما ذلك من حيث فلكنا (٩) وأفقنا، فكيف يكون ذلك والله تعالى يقول: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ - إلى قوله - يُحْشَرُونَ﴾ فوربك لنحشرهم جميعًا جمًا غفيرًا، ولنحاسبن (١٠) حسابًا يسيرًا، ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢]، وأن الله لا يسأل إلا عاقلًا ولا يحاسب إلا مفضولًا (١١) وفاضلًا، وإنما جعل لكل موجود من موجوداته في


(١) (ع، ظ): التنقيص والتقصير.
(٢) ما بين المعقوفتين من (ظ).
(٣) في (ع، ظ): ﴿وَلَا يَعْقِلُونَ﴾، وهي في سورة البقرة من الآية (١٧١).
(٤) (ع): وقفت.
(٥) في (ظ): إلى.
(٦) في (ع، ظ): وليسوا، ونقدر اسم ليس محذوفًا نحو: ليس الكفارُ في الحقيقة بموتى.
(٧) في (ع، ظ): صفة.
(٨) في (ظ): ولذلك، وفي (ع): كذلك.
(٩) في (الأصل، ظ): قد كنا، وتصويبه من (ع).
(١٠) في (الأصل): ولمحاسبين، وفي (م): وليحاسبن، وما أثبته من (ع، ظ).
(١١) في (الأصل): معقولًا، وتصويبه من (ع، ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>