للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على شفير القبر فبكى، وأبكى من حوله حتى بل الثرى ثم قال: يا إخواني لمثل هذا فأعدُّوا (١) ".

[فصل]

القبر واحد القبور في الكثرة، وأقبر في القلة، ويقال للمدفن مقبرة (٢).

قال الشاعر (٣):

لكل أناس مقبر بفنائهم … فهم ينقصون والقبور تزيد

واختلف في أول من سنّ القبر فقيل: الغراب لما قتل قابيل هابيل (٤)، وقيل: بنو إسرائيل وليس بشيء، وقيل: كان قابيل يعلم الدفن، ولكن ترك أخاه بالعراء استخفافًا به، والأول أصح والله أعلم (٥)، فبعث الله غرابًا يبحث في التراب (٦) على هابيل ليدفنه، فقال عند ذلك: ﴿يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴾ [المائدة: ٣١] حيث رأى إكرام الله لهابيل بأن قيض الله الغراب حتى واراه، ولم يكن ذلك ندم توبة، وقيل: ندمه إنما كان على فقده لا على قتله، قال ابن عباس: ولو (٧) كانت ندامته على قتله لكانت الندامة توبة (٨)، ويقال: إنه لما قتله قعد يبكي عند (٩) رأسه إذا أقبل غرابان فاقتتلا فقتل أحدهما الآخر، ثم حفر له حفرة فدفنه، ففعل القاتل بأخيه كذلك، فبقي ذلك سُنةً لازمةً في بني آدم، وفي التنزيل: ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١)﴾، أي جعل له قبرًا يوارى فيه إكرامًا له (١٠)، ولم


(١) في (الأصل): فاعتدوا، تصويبه من (ع، ظ، وابن ماجه).
(٢) في (ع، ظ): مقبر.
(٣) ذكره أبو تمام في ديوان الحماسة ص (٣٦٨)، ونسبه إلى عبد الله بن ثعلبة.
(٤) في (الأصل): هابيل قابيل، والتصويب من (ع، ظ، تفسير الطبري ٦/ ١٩٨).
(٥) (والأول أصح والله أعلم): ليست في (ع، ظ).
(٦) البحث في التراب: الرمي به إلى الخلف، لسان العرب ٢/ ١١٥.
(٧) في (ع): لو.
(٨) لم أقف على مصدر لقوله.
(٩) في (ظ): على.
(١٠) (له): ليست في (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>