للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عبد الله بن أبي نوح (١): رأيت كهلًا بمسجد رسول الله لا يزال ينفض الغبار عن جدرانه بسعفة، فسألت عنه فقيل: إنه من ولد عثمان بن عفان ، وأن له أولادًا وموالي ونعمة موفورة، وإنه اطلع في مرآته فصرخ وجن، ولزم المسجد كما ترى، وإذا أراد أهله أخذه ليداووه ويصونوه عاذ بالقبر المكرم (٢) فتركوه، فرقبته نهارًا فلم أر منه اختلالًا، ورقبته ليلًا فلما ذهب جنح من الليل خرج من المسجد، فتبعته حتى أتى البقيع (٣)، فقام يصلي (٤)، ويبكي حتى قرب طلوع الفجر فجلس يدعو، وجاءت إليه دابة لا أدري أشاة (٥) أم ظبية، أو (٦) غيرها، فقامت عنده وتفاجت (٧) فالتقم ضرعها، فشرب (٨)، ثم


= وزهد نافلة، فالفرض: أن تدع الفخر والكِبْر والعلو والرياء والسمعة والتزين للناس، وأما زهد النافلة: فإن تدع ما أعطاك الله من الحلال، فإذا تركت شيئًا من ذلك صار فريضة عليك ألا تتركه إلا الله، انظر: سير أعلام النبلاء ٧/ ٢٣٠، ٢٤١، ٢٤٣، ٢٤٤.
(١) لم أقف له على من ترجم له أو ذكره.
(٢) الاستعاذة بقبر النبي والالتجاء إليه لكشف الضر ودفع البلوى مما لا يجوز، وإنما يفزع بذلك للواحد الأحد .
(٣) في (ظ): حتى البقيع.
(٤) الذي يظهر أن المراد بالصلاة هنا في هذه الحكاية: الصلاة ذات الركوع والسجود، ولم يرد الصلاة بمعنى الدعاء فقط؛ بدليل الجملة التي بعدها: (فجلس يدعو)، كذلك لم يُرِد الصلاةَ على ميت معين مات ولم يدرك الصلاة عليه؛ بدليل ما جاء في سياق الحكاية: (فأقمت ليالي أخرج بخروجه إلى البقيع)، فإذ عُلم هذا فقد أخرج البخاري في صحيحه ١/ ١٦٦، ح ٤٢٢ قوله : "اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبورًا"؛ قال ابن خزيمة في صحيحه ٢/ ٢١١ في الحديث السابق: هذا الخبر دال على الزجر عن الصلاة في المقابر. ا. هـ. وذلك لأن القبور ليست محلًا للصلاة وهذا فيه تحذير للأمة عن الصلاة في القبور، بل من عجائب هذه الحكاية أن صاحبها يترك الصلاة في المسجد النبوي، وفضل الصلاة فيه معلوم، ليصلي في المقابر والنهي عن الصلاة فيها معلوم. وللشيخ الألباني كتاب مفيد في هذا الموضوع بعنوان: تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد، فليراجع.
(٥) في (ظ): أشاة هي.
(٦) في (ع): أم.
(٧) في (ظ): تفاججت، والفج: الطريق الواسع بين الجبلين، وفججتُ ما بين رجليّ أفجهما فجًّا إذا فتحتُ، الصحاح ١/ ٣٣٣.
(٨) أهل السنة والجماعة يثبتون كراماتِ الأولياءِ ولا ينكرونها، لكن أيضًا لا تنطلي عليهم =

<<  <  ج: ص:  >  >>