للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسح ظهرها (١)، وقال: اذهبي بارك الله فيك، فولت تمرح (٢)، فانسللت، فسبقته إلى المسجد، فأقمت ليالي أخرج بخروجه إلى البقيع ولا يشعر بي، وسمعته (٣) يقول في مناجاته: اللهم إنك أرسلت (٤) إليّ ولم تأذن لي، فإن كنت قد رضيتني فأذن لي، وإن لم ترضني فوفقني لما يرضيك (٥)، قال: فلما حان (٦) رحيلي أتيته مودعًا فتجهمني (٧)، فقلت له: أنا (٨) أصاحبك منذ ليالٍ بالبقيع (٩) أصلي بصلاتك، وأؤمن على دعائك، قال: هل أطلعت على ذلك أحدًا؟ قلت: لا، قال: انصرف راشدًا، قلت: ما الرسول الذي أُرسل إليك؟ قال: اطلعت في المرآة فرأيت شيبة في وجهي فعلمت إنها رسول الله إلي، فقلت: ادع الله لي (١٠)، فقال: ما أنا أهل لذلك، ولكن تعال


= خوارق الشياطين وحيل الدجالين والمشعوذين، فالكرامة لا تتعارض مع هديه بل تؤيده وتثبّت مَن سار عليه. فلم يكن من هديه ولا من هدي أصحابه الانقطاع للتعبد ثم تأتي لهم الدواب بالرزق، بل كان رزق رسول الله تحت ظل رمحه، انظر: مسند الإمام أحمد ٢/ ٥٠، ح ٥١١٤؛ وابن أبي شيبة في مصنفه ٤/ ٢١٢ ح، ١٩٤٠١، ومن الصحابة رضوان الله عليهم من كان يعمل في التجارة، ومنهم من كان يعمل في الزراعة، وكثير ممن خالف هديه وتعبد بالبدع وبغير ما شُرع تعينه الشياطين وتخدمه؛ ليستمر على ضلاله، ثم يذهب من يذهب ليحكي فعل هؤلاء المخالفين لتحذو العامةُ حذوهم، فالحذر الحذر من ذلك، فقد قال : "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد"، أخرجه مسلم في صحيحه ٣/ ١٣٤٣، ح ١٧١٨، أي مردود عليه في يوم هو أحوج ما يكون إليه.
(١) في (ظ): ضرعها.
(٢) المرح هنا: شدة النشاط، وفرس ممراح ومَروح: أي نشيط قد أمرحه الكلأ، الصحاح ١/ ٤٠٤، وفي (ع): تمرع، والمريع: الخصيب، وقد مرع الوادي وأمرع أي أكلأ ويقال: القوم ممرعون إذا كانت مواشيهم في خصب، الصحاح ٣/ ١٢٨٣ - ١٢٨٤.
(٣) في (ع، ظ): فسمعته.
(٤) في (ع): أرسلت رسولًا.
(٥) في (ع): لما يرضيك عني.
(٦) في (ع): كان.
(٧) رجل جَهْمُ الوجه: أي كالح الوجه، الصحاح ٥/ ١٨٩١.
(٨) في (ظ): إني.
(٩) في (الأصل): البقيع، والتصويب من (ع، ظ).
(١٠) في (ع، ظ): ادع لي.

<<  <  ج: ص:  >  >>