للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال (١): جمع الروايتين عندي صحيح وهو أن كل واحدة منهما عوراء من وجه ما، إذ العور في كل شيء العيب، والكلمة العوراء هي المعيبة، فالواحدة عوراء بالحقيقة وهي التي وصفت في الحديث بأنها ليست بجحراء ولا ناتئة وممسوحة (٢) ومطموسة وطائفة على رواية الهمز، والأخرى عوراء لعيبها اللازم (٣) لها لكونها جاحظة أو كأنها كوكب دري، أو كأنها عنبة طافية بغير همز، [و] (٤) كل واحدة منهما يصح فيها الوصف بالعور لحقيقة العرف والاستعمال، أو بمعنى العور الأصلي".

قال شيخنا (٥): "وحاصل كلامه أن كل واحدة من عيني الدجال عوراء: إحداهما بما أصابها حتى ذهب إدراكها، والثانية عوراء بأصل خلقتها معيبة، لكن يبعد هذا التأويل أن كل واحدة من عينيه قد جاء وصفها في الرواية بمثل ما وصفت به (٦) الأخرى من العور فتأمله".

قلت: ما قاله القاضي (٧) وتأوله صحيح، وأن العور في العينين (٨) مختلف كما بيناه في الروايات؛ فإن قوله: كأنها لم تخلق هو معنى الرواية الأخرى مطموس العين ممسوحها (٩) ليست بناتئة ولا جحراء، ووصف الأخرى بالمزج بالدم وذلك عيب لا سيما مع وصفها بالظفرة الغليظة التي عليها، وهي جلدة غليظة تغشى العين إن لم تقطع عمت العين، وعلى هذا فقد يكون العور في العينين سواء؛ لأن الظفرة مع غلظها تمنع من الإدراك فلا تبصر شيئًا فيكون الدجال على هذا أعمى أو قريبًا منه، إلا أنه جاء ذكر الظفرة في العين اليمنى في حديث سفينة، وفي الشمال في حديث سمرة بن جندب والله أعلم (١٠).


(١) أي القاضي عياض في إكمال المعلم بفوائد مسلم له ٩/ ٤٨٧.
(٢) في (ع): وممسوخة.
(٣) في (ع): الملازم.
(٤) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ، المفهم).
(٥) أي أبو العباس أحمد بن عمر شيخ المصنف في كتابه المفهم ٧/ ٢٧٥.
(٦) (به): ليست في (ظ).
(٧) في (ظ): القاضي عياض.
(٨) في (ع): في العين.
(٩) في (الأصل): ممسوخها، وما أثبته من (ع، ظ، م).
(١٠) (والله أعلم): ليست في (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>