للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي هريرة ، ومثل هذا كثير وهو خلاف ما تقدم، وإذا كان هذا فظاهره التعارض وليس كذلك فإن الحض على سكناها إنما كان عند فتح الأمصار ووجود الخيرات بها كما جاء (١) في حديث سفيان بن أبي زهير قال: سمعت رسول الله يقول: "تفتح اليمن فيأتي قوم ينتسبون فيتحملون بأهليهم (٢) ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، ثم تفتح الشام فيأتي قوم ينتسبون فيتحملون بأهليهم (٣) ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، ثم تفتح العراق فيأتي قوم ينتسبون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون"، رواه الأئمة (٤) واللفظ لمسلم (٥).

فحض على سكناها حين أخبر بانتقال الناس عنها عند فتح الأمصار لأنها مستقر الوحي، وفيها مجاورته، ففي حياته صحبته ورؤية وجهه الكريم، وبعد وفاته مجاورة جدثه الشريف (٦) ومشاهدة آثاره العظيمة، ولهذا قال: "لا يصبر أحد على لأوائها وشدتها إلا كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة" (٧)، وقال: "من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها فإني أشفع لمن مات بها" (٨)، ثم إذا تغيرت الأحوال واعتورتها الفتن والأهوال كان الخروج منها غير قادح، والانتقال [[منها حسن غير قادح.


(١) (جاء): ليست في (ظ).
(٢) في (ع): بأهلهم.
(٣) في (ع): بأهلهم.
(٤) البخاري في صحيحه ٢/ ٦٦٣، ح ١٧٧٦؛ والنسائي في الكبرى ٢/ ٤٨٢، ح ٤٢٦٣؛ ومالك في الموطأ ٢/ ٨٨٧، ح ١٥٧٣.
(٥) في صحيحه ٢/ ١٠٠٨، ح ١٣٨٨.
(٦) لم يرد في النصوص بيان علة فضل المدينة النبوية، وإنما جاءت النصوص مطلقة في بيان فضلها، وأما تخصيص علة الترغيب بالسكنى فيها لأجل مجاورة جدثه الشريف، فهذا يحتاج إلى نص.
(٧) الحديث رواه مسلم في صحيحه ٢/ ١٠٠٤، ح ١٣٧٧، ح ١٣٨٧ بألفاظ فيها تقديم وتأخير، وذكرها ابن عبد البر في التمهيد بنفس لفظ المصنف ٢١/ ٢٥.
(٨) أخرجه الترمذي في جامعه ٥/ ٧١٩، ح ٣٩١٧؛ وابن ماجه في سننه ٢/ ١٠٣٩، ح ٣١١٢؛ وأحمد في مسنده ٢/ ١٠٤، ح ٥٨١٨، صححه الألباني، صحيح ابن ماجه ٢/ ١٩٧، ح ٢٥٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>