للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال الحليمي في كتاب منهاج الدين (١): وقد توقف في ولدان المسلمين من توقف في ولدان المشركين، وقال إذا كان كلًّا منهم يعامل بما علم الله تعالى منه أنه فاعله لو بلغه، فكذلك ولدان المسلمين، واحتج بأن صبيًا صغيرًا مات لرجل من المسلمين، فقالت إحدى نساء النبي : طوبى له عصفور من عصافير الجنة، فقال النبي : وما يدريك أن الله خلق الجنة وخلق لها أهلًا، وخلق النار وخلق لها أهلًا قال: فهذا يدل على أنه لا يمكن أن يقطع في أطفال المسلمين بشيء، قال الحليمي (٢): وهذا الحديث يحتمل أن يكون إنكار النبي على التي قطعت بأن الصبي في الجنة؛ لأن القطع بذلك قطع بإيمان أبويه، وقد يحتمل أن يكونا منافقين، فيكون الصبي ابن كافرين (٣)، فيخرّج هذا على قول من يقول: قد يجوز أن يكون ولدان المشركين في النار، وقد يحتمل أن يكون أنكر ذلك؛ لأنه لم يكن أنزل عليه في ولدان المسلمين شيء، ثم أنزل عليه قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ (٤)﴾ وقد قرئ: "واتبعناهم (٥) ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم (٦) " (٧)، فأخبر تعالى أن الذين آمنوا في الحياة الدنيا، وجعل ذرياتهم أتباعًا لهم في الإيمان وأنه يُلحق بهم ذرياتهم في الآخرة، فثبت بذلك أن ذراري المسلمين في الجنة، وقال النبي : "سألت ربي أن يريني أهل الجنة وأهل النار، فجاءني جبريل وميكائيل عليهما الصلاة والسلام في النوم، فقالا: انطلق يا أبا القاسم، إلى أن قال: وأنا أسمع لغط الصبيان، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هم ذرية أهل الإسلام الذين يموتون قبل آبائهم تكفل بهم إبراهيم حتى يلحق آباؤهم"، فدل أنهم في الجنة.


(١) ١/ ١٥٩.
(٢) في المنهاج في شعب الإيمان ١/ ١٦٠.
(٣) في (ظ): ابن كافر.
(٤) في (ظ): ذرياتهم.
(٥) في (ظ): واتبعتهم.
(٦) في (ظ): ذريتهم.
(٧) وهي قراءة أبي عمرو البصري، انظر: إتحاف فضلاء البشر ص (٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>