للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وإسناد هذا الحديث ليس بالقوي، لكن يدل على صحة هذا القول أعني: أنهم في الجنة أو أنهم خدم أهل الجنة ما ذكره جماعة من العلماء بالتأويل أن الله تعالى لما أخرج ذرية آدم من صلبه في صورة (١) الذر أقروا له بالربوبية وهو قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ (٢) وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا﴾ [الأعراف: ١٧٢]، ثم أعادهم في صلب آدم بعد أن أقروا له بأنه الله لا إله غيره (٣)، ثم يكتب العبد في بطن أمه شقيًا أو سعيدًا على الكتاب الأول، فمن كان في الكتاب الأول شقيًا عمَّر حتى يجري عليه القلم فينقض الميثاق الذي أخذ عليه في صلب آدم بالشرك، ومن كان في الكتاب الأول سعيدًا عمَّر حتى يجري عليه القلم فيؤمن فيصير سعيدًا، ومن مات صغيرًا أولاد المؤمنين قبل أن يجري عليه القلم فهم مع آبائهم في الجنة، ومن كان من أولاد المشركين فمات قبل أن يجري عليه القلم فليس يكونون مع آبائهم في النار؛ لأنهم ماتوا على الميثاق [الأول] (٤) الذي أخذ عليهم في صلب آدم ولم ينقضوا الميثاق.

قلت: وهذا أيضًا حسن؛ فإنه جمع بين الأحاديث، ويكون معنى قوله : لما سئل عن أولاد المشركين فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين يعني لو بلغوا بدليل حديث البخاري وغيره مما ذكرناه، وقد روي عن أنس (٥) قال: سئل رسول الله عن أولاد المشركين فقال: "لم يكن لهم حسنات فيجزوا بها، فيكونوا من ملوك الجنة، ولم تكن له سيئات فيعاقبوا عليها فيكونوا في النار فهم خدم لأهل الجنة" (٦)، ذكره يحيى بن سلام في


(١) في (ع، ظ): صور، والأصل متوافق مع (م).
(٢) هكذا في الأصل، و (ع، م) بالجمع، وفي (ظ): ذريتهم بالإفراد فقرأ نافع وأبو جعفر وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب (ذرياتهم) بالجمع، وقرأ ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي وخلف ﴿ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ بالإفراد انظر إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر ص (٢٣٣).
(٣) في (ع): بأنه لا إله إلا هو.
(٤) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ، م).
(٥) في (ع)، (ظ): قد روى أبان عن أنس، والأصل متوافق مع (م، والحلية).
(٦) رواه أبو نعيم في الحلية ٦/ ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>