للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عبيد (١): دان نفسه: أي أذلّها واستعبَدها، يقال: دِنْتُه، أدِينه إذ أذللته (٢)، فيُذل نفْسَه في عبادة الله تعالى عملًا يُعِدُّه لِما بعد الموت، ولقاء الله تعالى، وكذلك يحاسِبُ نفسه على ما فرط من عمره، ويستعد لعاقبة أمره، بصالح عملِه، والتّنصُّلِ مِن سَالِف زلَلِهِ، وذكرِ الله تعالى، وطاعَته في جميع أخوالِه؛ فهَذا هو الزَّادُ ليَومِ المَعَادِ.

والعاجِزُ ضِد الكَيّس، والكيّسُ: العاقِلُ، والعاجِزُ: المُقَصِّرُ في الأمور، فهو مع تَقصِيره في طاعةِ ربِه، واتّباع شهَوات نَفْسِه متَمَنٍّ على الله أن يغفر له؛ وهذا هو الاغْتِرارُ، فإنَّ الله تعالى أَمَرَه، ونَهاه.

قال الحسَن البصري (٣) (٤): إنّ قومًا ألهَتهم الأمَانِيُّ (٥) حَتَّى خرجُوا من الدنيا وما لهم حَسنةٌ، ويقول أحدُهم إني أُحسِنُ الظَّنَّ بربي (٦) وكذبَ، لو أَحسَن الظَّنَّ لأَحسَن العملَ، وتلا قولَه (٧) تَعالى: ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣)[فصلت: ٢٣] (٨).

وقال سعيد بن جبير (٩): الغرة بالله: أن يتمادى الرجل بالمعصية، ويتمنى على الله المغفرة (١٠) (١١).


(١) أبو عبيد القاسم بن سَلام البغدادي، اللغوي، الفقيه، صاحب المصنفات منها: الناسخ والمنسوخ، والأموال، - وكتاب الإيمان - توفي سنة ٢٢٤ هـ، تذكرة الحافظ ٢/ ٤١٧ - ٤١٨.
(٢) غريب الحديث لأبي عُبيد القاسم بن سلام ١/ ٤٣٨.
(٣) (البصري): ليست في (ع).
(٤) الحسن بن أبي الحسن يسار، أبو سعيد البصري، من بحور العلم، مليح التذكير، بليغ الموعظة، رأس في أنواع الخير، توفي سنة ١١٠ هـ، تذكرة الحفاظ ١/ ٧١ - ٧٢.
(٥) في (الأصل): الأماني بالمغفرة، وما أثبته من (ع، ظ، م).
(٦) في (ع): بالله.
(٧) في (ع، ظ): تلا قول الله.
(٨) انظر: تفسير الحسن البصري ٢/ ٢٦٧.
(٩) سعيد بن جُبير بن هشام، الإمام، الحافظ، المفسر، أبو محمد الأسدي، الوالبي مولاهم، أحد الأعلام، توفي سنة ٩٥ هـ، سير أعلام النبلاء ٤/ ٣٢١ - ٣٤١.
(١٠) ذكره المحاسبي في الرعاية لحقوق الله ص (٤٣٣).
(١١) قال ابن القيم في الفرق بين حسن الظن بالله تعالى والغرور: إن حسن الظن إن حمل على العمل وحثّ عليه وساق إليه فهو صحيح، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في=

<<  <  ج: ص:  >  >>