للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السور واقفًا، ونشأ (١) بعد ذلك أخذ بغداد بتغلُّب التتر عليها، فقتل من كان فيها، وسباه وذلك عمود الإسلام ومأواه، فانتشر الخوف وعظم الكرب وعم الرعب وكثر الحزن بانتشار التتر بالبلاد، وبقي الناس حياري سكاري بغير خليفة ولا إمام فوضًا فوضًا (٢)، فزادت الفتنة وعظمت المحنة إن لم يتدارك الله سبحانه بالعفو والفضل والمنة.

[وأما قوله: "ستخرج نار من حضرموت أو من نحو حضرموت قبل القيامة"، فلعلها النار التي جاء ذكرها في حديث حذيفة قال: قال رسول الله : لتقصدنكم نار هي اليوم خامدة في واد يقال له برهوت تغشى الناس فيها عذاب أليم (٣)، تأكل الأنفس والأموال تدور الدنيا كلها في ثمانية أيام تطير طير الريح والسحاب، حرها بالليل أشد من حرها بالنهار، ولها بين الأرض والسماء دوي كدوي الرعد القاصف، هي من رؤوس الخلائق أدنى من العرش، قلت: يا رسول الله أسليمة هي يومئذٍ على المؤمنين والمؤمنات، قال: وأين المؤمنون والمؤمنات يومئذٍ، هم شر من الحمر يتسافدون كما تسافد البهائم، وليس فيهم رجل يقول: مه مه، رواه أبو نعيم (٤) الحافظ في باب مكحول أبي عبد الله إمام أهل الشام، عن أبي سلمة عنه عن حذيفة] (٥).

وقوله: "عذبة سوطه"، يريد السير المعلق في طرف السوط.

[وفي هذا الحديث ما يرد على كفرة الأطباء والزنادقة والملحدين، وأن الكلام ليس مرتبطًا بالهيئة والبله، وإنما البارئ جلت قدرته يخلقه متى شاء في أي شيء شاء، من جماد أو حيوان على ما قدره الخالق الرحمن، فقد كان الحجر والشجر يسلمان على رسول الله تسليم نطقٍ وتكلم، ثبت ذلك في غير ما حديث، وهو قول أهل أصول الدين في القديم والحديث، وثبت باتفاق


(١) في (الأصل): وأنشأ، والتصويب من (ع، ظ).
(٢) (فوضًا) الثانية: ليست في (ع).
(٣) جملة: (هي اليوم خامدة في واد يقال له برهوت تغشى الناس فيها عذاب أليم): ليست في (ظ).
(٤) في الحلية ٥/ ١٩٢.
(٥) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>