للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصحيحُ: ما ذكرتُ لكَ مِن الإباحة (١) إِلَّا أَنَّ عمل النساء في خروجهنَّ ممَّا لا يجوز لهنَّ من تبرُّج، أو كلامٍ، أو غيره، فذلك المنهي عنه، وقد ذكرتُ لك في البابِ قبلُ الفرق بين المُتجَالّةِ (٢) والشابَّةِ، فتأمَّله، وقد أُبيح لكَ أن تبكي عند (٣) قبرِ ميِّتك حُزْنًا عليه، أو رحمةً له مما بين يديهِ، كما أُبيح لك البكاء (٤) عند موته.

والبكاءُ عند العرب يكونُ البُكاء المعروفُ، وتكون النياحةُ، وقد يكونُ معها الصياحُ، وضرب الخدود (٥)، وشقُّ الجيوب، وهذا محرمٌ بإجماع العلماء، وهو الذي ورد فيه الوعيدُ مِن قوله : "أنا بريءٌ ممَّن حَلقَ (٦)، وسَلَقَ (٧)، وخَرَقَ (٨) "، خرَّجه مسلم (٩).

وأمَّا البُكاءُ مِن غيرِ نياحةٍ، فقد ورد فيه الإباحةُ عند القبر، وعند الموتِ وهو بكاءُ الرأفةِ والرحمةِ التي لا يكاد يخلو منها إنسانٌ، وقد بكى النبيُّ لما مات ابنُه إبراهيم (١٠).

وقال عمرُ: دعهنَّ يبكين على أبي سليمان (١١) ما لم يكن نقعٌ، أو لَقْلَقَةٌ (١٢).

النَّقْعُ: ارتفاع الصوتِ.


(١) تم التعليق على هذه المسألة ص (١٣٠) وبيان أن الراجح منع النساء من زيارة القبور.
(٢) المتجالّة: المرأة إذا أسنت - العجوز -، وجَلَّ الرجلُ أيضًا إذا أسن. انظر: الصحيح ٥/ ١٦٦٠.
(٣) في (ظ): على.
(٤) (البكاء): ليست في (ظ).
(٥) في (ظ): الخدِّ.
(٦) أي حلق رأسه عند المصيبة إذا حلت به، النهاية في غريب الحديث ١/ ٤٢٧.
(٧) سلق: أي رفع صوته عند المصيبة النهاية في غريب الحديث ٢/ ٣٩١.
(٨) أي مزق ثوبه عند المصيبة.
(٩) في صحيحه ١/ ١٠٠، ح ١٠٤.
(١٠) إشارة إلى الحديث الذي فيه قول النبي : "وإنا بك لمحزونون" أخرجه البخاري ١/ ٤٣٩، ح ١٢٤١؛ ومسلم ٤/ ١٨٠٧، ح ٢٣١٥.
(١١) أبو سليمان هو خالد بن الوليد .
(١٢) أورد البخاري هذا الأثر في باب ما يكره من النياحة على الميت من كتاب الجنائز ٣/ ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>