للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكيف يقاسمون هذه الشدائد العظيمة وهو سبحانه قادر أن يخفف عنهم أجمعين عنهم أجمعين كما قال في قصة إبراهيم (١): "أما إنا قد هونَّا عليك" (٢)؟

فالجواب: "أن أشد الناس بلاء في الدنيا الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل" كما قال نبينا ، خرجه (٣) وغيره (٤). فأجاب الله سبحانه أن يبتليهم تكميلًا لفضائلهم لديه (٥) ورفعه لدرجتهم (٦) عنده، وليس ذلك في حقهم نقصًا ولا عذابًا، بل هو كمال رفعة مع رضاهم بجميل ما يجريه الله عليهم، فأراد الله سبحانه أن يختم لهم بهذه الشدائد مع إمكان التخفيف والتهوين عليهم ليرفع منازلهم، ويعظم أجورهم قبل موتهم كما ابتلي إبراهيم بالنار، وموسى بالخوف والأسفار، وعيسى بالصحاري والفقار (٧)، ونبينا (٨) بالفقر والزهد في الدنيا، ومقاتلة الكفار (٩)، كل ذلك (١٠) رفعة في أحوالهم


(١) في (الأصل): في حق إبراهيم، وما أثبته من (ع، ظ، م).
(٢) تقدم الحكم عليه بأنه موضوع ص (١٥١).
(٣) لم يخرج البخاري هذا الحديث بنصه، وإنما جعلة عنوان باب فقال: باب أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأول فالأول ٥/ ٢١٣٩. قال ابن حجر: قوله: "الأول فالأول" للنسفي، و"الأمثل فالأمثل" للأكثر، وجمعها المستملي، فتح الباري ١٠/ ١١١ (بتصرف يسير).
(٤) أخرجه الترمذي ٤/ ١٠٦، ح ٢٣٩٨؛ وابن ماجه ٢/ ١٣٣٤، ح ٤٠٢٣؛ وأحمد ١/ ١٧٢، ح ١٤٨١؛ وابن حبان في صحيحه ٧/ ١٦٠، ح ٢٩٠٠؛ والطيالسي ص (٢٩)، ح ٢١٥ كلهم من طريق عاصم بن بهدلة عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه سعد، قال الألباني: حسن صحيح، انظر: صحيح ابن ماجه ٢/ ٣٧١، ح ٣٢٤٩.
(٥) (لديه): ليست في (ع، ظ)، والأصل يتوافق مع (م).
(٦) في (ع): في درجاتهم.
(٧) لم أقف علي نص يدل علي أن عيسى كان ملازمًا للصحاري، والمعروف عنه قيامه بالدعوة ومباشرة المدعوين، والذي يظهر أن هذا من نسج الصوفية، توهموه من فعل الرهبان، والله أعلم.
(٨) في (الأصل): (نبينا محمد )، وما أثبته من (ع، ظ، م).
(٩) في (ع): ومقابلة الكفار.
(١٠) في (الأصل): علي ذلك، وما أثبته من (ع، ظ)، وفي (م) طمس، والصواب ما أثبته؛ لأن المعني لا يستقيم بما في الأصل، ففي الكلام نقص علي ما في الأصل، وما =

<<  <  ج: ص:  >  >>