للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ثابت البناني (١): كان شاب به رَهَقٌ (٢)، فلما نزل به الموت انكبت عليه أمه وهي تقول: يا بني قد (٣) كنت أحذرك مصرعك (٤) هذا. قال: يا أماه إن لي ربًا كثير المعروف، وإني لأرجو اليوم أن لا يعدمني بعض معروفه، فقال ثابت: بحسن ظنه بالله (٥) في حاله تلك (٦).

وقال عمر بن ذر (٧) يومًا في كلامه وعنده ابن أبي داود (٨)، وأبو حنيفة (٩): أتعذبنا وفي أجوافنا التوحيد، لا أراك تفعل، اللهم اغفر لمن لم يزل على مثل حال السحرة في الساعات التي غفرت لهم فإنهم قالوا آمنا برب العالمين، فقال أبو حنيفة: رحمك الله، القصص بعدك حرام (١٠).

وكان يحيى بن زكريا إذا لقي عيسى بن مريم صلوات الله عليهما عبس، وإذا لقيه عيسى تبسم، فقال له عيسى: تلقاني عابسًا كأنك آيس (١١)؟ فقال (١٢)


(١) ثابت بن أسلم، وأبو محمد البُناني البصري، التابعي الإمام القدوة، تُوفي سنة ١٢٧ هـ، السير ٥/ ٢٢٠.
(٢) الرَّهَقُ: السَّفَهُ، القاموس المحيط ص (١١٤٧).
(٣) (قد) ليست في (ع، ظ)، والأصل يتوافق مع مصدر المؤلف.
(٤) في (ع): من مصرعك.
(٥) (بالله) ليست في (ظ).
(٦) ذكره ابن أبي الدنيا في كتابه حسن الظن بالله ص (٤٤)؛ وأبو محمد عبد الحق في كتابه العاقبة ص (١٤٧).
(٧) عمر بن ذر بن عبد الله بن زرارة الهمداني الزاهد، كان مرجئًا، توفي سنة ١٥٦ هـ، فلم يشهده سفيان الثوري ولا الحسن بن صالح، سير أعلام النبلاء ٦/ ٣٨٥.
(٨) هكذا في جميع النسخ، ولم أقف في معاصري عمر بن ذر على من اسمه ابن أبي داود، ثم وجدت في ترجمة عمر بن ذر أحد الأعلام واسمه: ابن أبي روّاد، وكان هذا الأخير رأسًا في الإرجاء كما كان عمر بن ذر، وكانت وفاة ابن أبي رواد سنة سبعٍ وتسعين ومائة (١٩٧) هـ، فبين وفاة الرجلين ٤١ سنة، واسم ابن أبي روّاد: عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد، فربما كان هذا الأخير هو المراد وحدث في اسمه تحريف، والله أعلم، انظر: سير أعلام النبلاء ٩/ ٤٣٤.
(٩) الإمام الفقيه، صاحب المذهب: أبو حنيفة النعمان بن ثابت، روى عن عطاء بن أبي رباح وعكرمة وعمر بن ذر، وغيرهم، توفي سنة ١٥٠ هـ، سير أعلام النبلاء ٦/ ٣٩٠، ٦/ ٣٨٥.
(١٠) ذكره ابن أبي الدنيا في حسن الظن بالله باختلاف يسير ص (٢٦ - ٢٧).
(١١) في (ع، ظ): يائس.
(١٢) في (ع، ظ): قال.

<<  <  ج: ص:  >  >>