للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى قبورهم، هذا ممن كان (١) على شريعته، ويشاهد غسله، ودفنه، وأما المشرك فلا يشاهد (٢) شيئًا من ذلك؛ لأنه قد هوي به، وأما المنافق فمثل (٣) الثاني يُرد ممقوتًا، مطرودًا إلى حفرته، وأما المقصرون المؤمنون فتختلف أنواعُهم: فمنهم من ترده صلاته؛ لأن العبد إذا قصر في صلاته سارقًا لها تُلف كما يُلف الثوب الخلق، ويضرب (٤) بها وجهه، ثم تعرج وهي تقول: ضيعك الله كما ضيعتني، ومنهم من ترده زكاته؛ لأنه إنما يزكي ليقال فلان متصدق، وربما وضعها عند النسوان [فاستجلب بها محبتهن] (٥)، ولقد رأيناه عافانا الله مما حلّ به، ومن الناس من يرده صومه؛ لأنه صام عن الطعام ولم يصم عن الكلام فهو رفث وخسران فخرج الشهر [عنه] (٦) وقد بهرجه (٧)، ومن الناس من يرده حجه؛ لأنه إنما حج ليقال فلان حج، أو يكون حج بمال خبيث ومن الناس من يرده العقوق وسائر أحوال البر كلها لا يعرفها إلا العلماء بأسرار المعاملات، وتخليص (٨) العمل للملك الوهاب، فكل هذه المعاني جاءت بها الآثار، والأخبار كالخبر الذي رواه معاذ بن جبل في رد الأعمال وغيره، فإذا رُدت النفس إلى الجسد ووجدته قد أخذ في غسله إن كان قد غسل فتقعد عند رأسه حتى يغسل فإذا (٩) أدرج الميت في أكفانه صارت (١٠)


(١) في (ع): كان منهم.
(٢) في (ع): يرى.
(٣) في (الأصل): فمثال، والتصويب من (ع، ظ، ومصدر المؤلف).
(٤) في (ع): فيضرب.
(٥) ما بين المعقوفتين من (ظ، مصدر المؤلف).
(٦) ما بين المعقوفتين من (ع، ومصدر المؤلف).
(٧) في (الأصل): هرجه، والتصويب من (ع، ظ، ومصدر المؤلف)، وفي الصحاح ١/ ٣٠٠: البَهْرَجُ: الباطل والرديء من الشيء. والكلمة مُعرَّبة من الفارسية، وقيل من الهندية، انظر: النهاية في غريب الحديث ١/ ١٦٦. قلت: والعامة تستعمل الآن كلمة: بهرج بمعنى التزيين، فتقول: شيء مُبَهْرَجٌ أَي مُزيّن، وبهرجه إذا زينه، والمعنى لا يبعد عن الاستعمال الأول؛ فلولا أن الشيء كان باطلًا أو رديئًا لما احتاج إلى أن يُزيّن ويُحسّن.
(٨) في (ع): يحصل العمل الذي.
(٩) في (الأصل): وإذا، والتصويب من (ع، ظ، مصدر المؤلف).
(١٠) في (ظ): صارت الروح.

<<  <  ج: ص:  >  >>