للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القذاة من السقاء، والكافر (١) تسل روحه كالسفود من الصوف المبلول، هكذا حكى صاحب الشرع ، والميت يظن أن بطنه ملئت شوكًا، وكأنما (٢) نفسه تخرج من ثقب إبرة، وكأنما (٣) السماء انطبقت على الأرض وهو بينهما، فإذا حضرت (٤) نفسه إلى القلب مات لسانه عن النطق، وما أحد ينطق، والنفس مجموعة في صدره لسرين (٥):

أحدهما: أن الأمر عظيم قد ضاق صدره بالنفس المجتمعة فيه، ألا ترى أن الإنسان إذا أصابته ضربة في الصدر بقي مدهوشًا، فتراه (٦) لا يقدر على الكلام، وكل مطعون يطعن (٧) يصوّت إلا مطعون الصدر فإنه غير ميتًا من غير تصويت.

وأما السر الآخر: فلأن الذي فيه حركة الصوت المندفعة من الحرارة الغريزية فصار نفسه متغير الحالين حال الارتفاع، والبرودة (٨)؛ لأنه فقد الحرارة، فعند هذا (٩) الخبر (١٠) تختلف أحوال الموتى: فمنهم من يطعنه الملك حينئذٍ بحربة مسمومة قد سقيت سُمًّا من نار فتفر، وتفيض خارجة فيأخذها (١١) في يده وهي ترعد أشبه شيء بالزئبق على قدر الجرادة (١٢) شخصًا إنسانيًا، ثم يناولها الزبانية.

ومن الموتى من تجذب نفسه رويدًا حتى تنحصر في الحنجرة، وليس


(١) في (ع، ومصدر المؤلف): الفاجر.
(٢) في (ع): كأنما.
(٣) في (ظ): كأن.
(٤) في (ع، ظ): احتضرت.
(٥) هذا من استنباط الغزالي.
(٦) في (الأصل، ع، ظ): فتارة، ولا يستقيم بها المعنى، والتصويب من مصدر المؤلف.
(٧) (يطعن): ليست في (ظ).
(٨) في (ع): وحال البرودة، والأصل متوافق مع مصدر المؤلف.
(٩) في (ع): ذلك.
(١٠) في (ع): الحيز، وفي (ظ): التحير، وفي (مصدر المؤلف): الحين. والأصل متوافق مع نسخة أخرى من نسخ مصدر المؤلف.
(١١) في (ع): فيأخذها الملك.
(١٢) في (ظ): الجراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>