للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرّج (١) أيضًا بسنده عن إبراهيم الغنوي عن رجل قال: كنت عند عائشة فمرت جنازة صغير فبكت فقلت لها: ما يبكيك يا أم المؤمنين؟ فقالت: هذا الصبي بكيت شفقة عليه من ضمة القبر.

قلت: وهذا الخبر وإن كان موقوفًا على عائشة فمثله لا يقال من جهة الرأي، وقد روى عمر بن شبة (٢) في كتاب المدينة على ساكنها السلام في ذكر وفاة فاطمة ابنة أسد أم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: بينما هو (٣) في أصحابه أتاه آت فقال: إن أم علي وجعفر وعقيل قد ماتت، قال (٤): قوموا بنا إلى أمي، فقال: فقمنا كأن على رؤوسنا الطير، فلما انتهينا إلى الباب نزع قميصه وقال: إذا كفنتموها فأشعروه إياها تحت أكفانها، فلما خرجوا بها جعل رسول الله مرة يحمل ومرة يتقدم ومرة يتأخر حتى انتهينا بها إلى القبر، فتمعك في اللحد ثم خرج وقال: أدخلوها بسم الله وعلى اسم الله، فلما دفنوها قام قائمًا (٥) وقال: جزاك الله من أم وربيبة خيرًا. وسألناه عن نزعه (٦) قميصه (٧)، وتمعكه في اللحد، فقال: أردت أن لا تمسها النار أبدًا إن شاء الله، وأن يوسع الله عليها قبرها (٨) (٩)، وقال: ما عفي أحد


(١) الضمير في (خرّج) الأولى والثانية يعود إلى علي بن معبد.
(٢) وفي (الأصل): عمرو بن شيبة، والتصويب من (ع، ظ، مصدر الترجمة)، وهو عمر بن شبة بن عبدة بن زيد بن رائطة، أبو زيد النُميري البصري، الأخباري صاحب التصانيف منها: أخبار المدينة، وأخبار مكة، وأخبار الكوفة، وغيرها، مات سنة ٢٦٢ هـ، السير ١٢/ ٣٦٩، والنص في تاريخ المدينة له ١/ ١٢٤.
(٣) في (ظ): بينما رسول الله ، وفي (تاريخ المدينة): قال بينما نحن جلوس مع رسول الله .
(٤) (قال): ليست في (ظ)، وفي (ع): فقال.
(٥) في (ع): قائم بالرفع، والصواب ما في الأصل؛ لأن موقع الكلمة الإعرابي هنا: حال، والحال منصوب.
(٦) في (ع، ظ): نزع.
(٧) في تاريخ المدينة: قلنا بنزعك قميصك وتمعكك في اللحد.
(٨) في (ع): قبورها، وهو مخالف للسياق؛ لأن المقبورة مفردة.
(٩) إلى هذا الموضع انتهى النقل من كتاب تاريخ المدينة لابن شبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>