للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن الفتنة في القبر لا تكون إلا لمؤمن أو منافق، ممن كان في في الدنيا منسوبًا (١) إلى أهل القبلة ودين الإسلام ممن حقن دمه بظاهر الشهادة، وأما الكافر الجاحد المبطل فليس ممن يسأل عن ربه ودينه ونبيه، وإنما يسأل عن هذا أهل الإسلام، والله أعلم، فيثبت الله الذين آمنوا، ويرتاب المبطلون (٢).

قال ابن عبد البر (٣) في حديث زيد بن ثابت عن النبي أنه قال: "إن هذه الأمة تبتلى في قبورها"، منهم من يرويه: "تُسأل (٤) في قبورها (٥) "، وعلى هذا اللفظ يحتمل أن تكون (٦) هذه الأمة خصت بذلك، وهذا أمر لا يقطع عليه، والله أعلم.

وقال أبو عبد الله الترمذي في نوادر الأصول (٧): وإنما سؤال الميت في هذه الأمة خاصة لأن الأمم قبلنا كانت الرسل تأتيهم بالرسالة فإذا أبوا كفت الرسل واعتزلوا وعوجلوا بالعذاب، فلما بعث الله محمدًا بالرحمة وأمانًا للخلق فقال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)[الأنبياء: ١٠٧]، أمسك عنهم العذاب وأعطي السيف حتى يدخل في دين الإسلام من دخل لمهابة السيف ثم يرسخ في قلبه، فأمهلوا فمن هاهنا ظهر أمر النفاق، فكانوا (٨) يسرون الكفر ويعلنون الإيمان، فكانوا (٩) بين المسلمين في ستر فلما ماتوا قيّض الله لهم فتاني القبر؛ ليستخرج سرهم بالسؤال؛ وليميز الله الخبيث من الطيب، فيثبت الله (١٠) الثابت في الحياة الدنيا (١١)، ويضل الله الظالمين (١٢).


(١) في (ع، ظ): ممن كان منسوبًا إلى أهل القبلة، والأصل متوافق مع التمهيد.
(٢) قال ابن القيم: وقول أبي عمر : وأما الكافر الجاحد المبطل فليس ممن يسأل عن ربه ودينه فيقال له: ليس كذلك بل هو من المسؤولين وأولى بالسؤال من غيره، وقد أخبر الله في كتابه أنه يسأل الكافر يوم القيامة، قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (٦٥)﴾ … فإذا سئلوا يوم القيامة فكيف لا يسألون في قبورهم؟! فليس لما ذكره أبو عمر وجه. الروح ص (١٢٤).
(٣) التمهيد ٢٢/ ٢٥٣.
(٤) في (ع، ظ): يسأل.
(٥) (في قبورها): ليست في (ع، ظ).
(٦) في (ع، ظ): يكون.
(٧) ٤/ ١٦٠ - ١٦١.
(٨) في (ع، ظ) وكانوا.
(٩) في (ع، ظ) وكانوا.
(١٠) (لفظ الجلالة): ليس في (ظ).
(١١) (في الحياة الدنيا): ليست في (ظ).
(١٢) في (ع، ظ): الظالم.

<<  <  ج: ص:  >  >>