للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن عيينة عن عبد الله بن أبي يزيد أنه سمع ابن عباس يقول: إن أرواح الشهداء تجول في طير خضر (١).

وروى ابن شهاب عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أن رسول الله قال: "أرواح الشهداء طير خضر تعلق في شجر الجنة" (٢).

وهذا كله مطابق لحديث مالك، فهو أصح من رواية من روى: "إن أرواحهم في جوف طير خضر"، قاله: أبو عمر في الاستذكار (٣).

وقال أبو الحسن القابسي: أنكر العلماء قول من قال: "في حواصل طير" لأنها رواية غير صحيحة؛ لأنها إذا كانت كذلك فهي محصورة مضيق (٤) عليها.

قلت: الرواية صحيحة (٥)؛ لأنها في صحيح مسلم بنقل العدل عن العدل، فيحتمل أن تكون الفاء بمعنى: على، فيكون المعنى أرواحهم على جوف (٦) طير خضر كما قال تعالى: ﴿وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ [طه: ٧١]، أي على جذوع النخل.

وجائز أن يسمى الظهر (٧) جوفًا إذ هو محيط به ومشتمل عليه. قاله (٨) أبو محمد عبد الحق (٩)، وهو حسن جدًّا.

وذكر شبيب بن إبراهيم (١٠) في كتاب الإفصاح (١١): المنعم على


(١) رواه ابن ماجه في سننه ١/ ٤٦٦، ح ١٤٤٩؛ قال الألباني: ضعيف، لكن المرفوع منه صحيح، انظر: ضعيف ابن ماجه ص (١٠٩)، ح ٣٠٩.
(٢) ذكرها ابن عبد البر في الاستذكار ٨/ ٣٥٨، ح ١١٨٦٦.
(٣) ٨/ ٣٥٨، ح ١١٨٧٠.
(٤) في (ع): مضيقة.
(٥) في (ع): الرواية غير صحيحة، وهذا خطأ.
(٦) في (ع): فيكون المعنى على جوف.
(٧) في (ع): الطائر.
(٨) في (ع): قال.
(٩) لم أهتد إلى قوله ضمن كتبه: الأحكام الشرعية الكبرى، والصغرى، والعاقبة.
(١٠) في الديباج لابن فرحون: شيث، وفي كشف الظنون ٢/ ١٦٣٥؛ شيث، وقيل: شبيب بن إبراهيم بن محمد بن حيدرة، أبو الحسن المالكي، كان فقيهًا ونحويًا ولغويًا بارعًا، له، تصانيف منها القلاصم وإفحام المخاصم في النحو، توفي سنة ٥٩٨ هـ، وقيل ٥٩٩ هـ، انظر: الديباج ١/ ١٢٨.
(١١) لم أقف على من ذكر الكتاب، وانظر: ص (٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>