للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مد الله (١) الأرض مد الأديم حتى لا يكون لأحد من البشر إلا موضع قدميه"، ذكره الماوردي (٢)، وما بدأنا (٣) بذكره أصح، لأنه نص ثابت عن النبي .

فإن قال قائل: إِنَّ بَدَّل في كلام العرب معناه: تغيير الشيء، ومنه قوله تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ [النساء: ٥٦]، وقال: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ [البقرة: ٥٩]، ولا يقتضي هذا إزالة العين، وإنما معناه تغيير الصفة، ولو كان المعنى (٤) الإزالة لقال: يوم تبدل الأرض مخففًا، من أبدلت الشيء إذا أزلت عينه وشخصه.

قيل له: ما ذكرته صحيح، ولكن قد قرئ قوله ﷿: ﴿عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا﴾ [القلم: ٣٢] مخففًا ومثقلًا (٥) بمعنى واحد، قال: ﴿وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا﴾ [النور: ٥٥]، وقال: ﴿فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ [الفرقان: ٧٠]، وكذا ذكر تاج اللغة أبو نصر الجوهري في الصحاح (٦)، وأبدلت الشيء بغيره وأبدله (٧) الله من الخوف أمنًا وتبديل الشيء أيضًا تغييره، فقد دل القرآن وكلام العرب على أن بدل وأبدل بمعنى واحد، وقد فسر النبي أحد المعنيين، فهو أعلا ولا كلام معه.

قال ابن مسعود وابن عباس (٨) : تبدل الأرض أرضًا بيضاء كالفضة لم يسفك عليها (٩) دم حرام ولم يعمل عليها خطيئة قط. وقال ابن مسعود أيضًا: تبدل الأرض نارًا والجنة من ورائها ترى أكوابها (١٠) وكواعبها (١١).


(١) (لفظ الجلالة): ليس في (ع، ظ)، والأصل متوافق مع تفسير الماوردي.
(٢) في تفسيره النكت والعيون ٦/ ٢٣٤ - ٢٣٥.
(٣) (بدأنا): ليست في (ظ).
(٤) (المعنى): ليست في (ظ).
(٥) القراءة المثقلة هي قراءة: نافع وأبو عمرو وأبو جعفر، انظر: إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر ص (٤٢١).
(٦) في الصحاح له ٤/ ١٦٣٢.
(٧) في (ع، ظ) وبدله.
(٨) ذكر قول ابن عباس وابن مسعود في تفسيره ١٣/ ٢٥٠؛ والماوردي في تفسيره ٣/ ١٤٣.
(٩) في (ظ): فيها.
(١٠) في (الأصل): كوابها، والتصويب من (ع، ظ).
(١١) ذكره الطبري في تفسيره ١٣/ ٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>