للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يوجد غير (١) ذلك الشيء فيه، وهذه طريقة العرب في فصاحتها".

قلت: ما ذكره ابن العربي من صحة الحديث وكلامه فيه: فيه نظر، لما نبينه آنفًا (٢)، وقد قال أبو محمد عبد الحق في كتاب العاقبة له (٣): ورد في هذا الباب حديث منقطع لا يصح، ذكره الطبري (٤) من حديث أبي هريرة عن النبي قال: "ينفخ في الصور ثلاث نفخات، الأولى نفخة الفزع" فذكره. قال: وهو عنده (٥) في سورة يس.

قلت: قد تقدم (٦) أن الصحيح في النفخ إنما هو مرتان لا ثلاث مرات، وحديث مسلم (٧) في قول الله تعالى لآدم "يا آدم ابعث بعث النار"، إنما هو بعد البعث يوم القيامة، ونفخة الفزع هي نفخة الصعق على ما تقدم، أو نفخة البعث على ما يأتي (٨)، ولأنه لو كانت نفخة الفزع غير نفخة الصعق لاقتضى ذلك أن يكون بقاء الناس بعدها أحياء ما شاء الله، ويكون هناك ليل ونهار حتى تأتي نفخة الصعق التي يموت بسماعها جميع الخلق كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وعلى هذا لا يكون قوله: "ابعث" في أثناء اليوم الذي يكون مبدؤه نفخة الفزع على ما ذكره ابن العربي، والله أعلم.

ولا يلزم عن زلزال الأرض أن يكون عن نفخة، فإنا نشاهد تحرك الأرض وميدها بمن عليها وما عليها من جبال وبناء كالسفينة في البحر إذا تلاطمت أمواجه من غير نفخ، وإنما تلك الزلزلة من أشراط الساعة ومقدماتها كسائر أشراطها.


(١) (غير) ليست في (ظ).
(٢) هكذا في جميع النسخ والذي ظهر لي أن المعنى لا يستقيم بها؛ لأن السياق أنه سيبين الكلام على صحة الحديث مستقبلًا، وكلمة (آنفًا) تكون لما مضى من الأفعال، قال صاحب لسان العرب ٩/ ١٤ - ١٥: استأنفت الشيء إذا ابتدأته. وفعلت الشيء آنفًا أي في أول وقت واسْتَأْنَفَه بوعْد: ابتدأه من غير أن يسأله إيّاه.
(٣) لا يوجد قوله في كتاب العاقبة.
(٤) تقدم تخريجه ص (٥٠٧).
(٥) أي الطبري.
(٦) ص (٤٩١).
(٧) تقدم تخريجه ص (٥٠٩).
(٨) تقدَّم ص (٤٩٠) ويأتي ص (٥٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>