للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعتدلة أخذهم الماء أخذًا واحدًا ولا يتفاوتون كما ذكرنا مع استواء الأرض [و] (١) مجاورة (٢) المحل، وهذا من القدرة التي تخرق العادات في زمن الآيات.

وقال الفقيه أبو بكر بن برجان في كتاب الإرشاد له: ولا يبعدن عليك هذا (٣) يرحمك (٤) الله أن يكون الناس كلهم في صعيد واحد وموقف (٥) سواء يشرب أحدهم أو بعضهم من الحوض ولا يشرب الغير، ويكون النور يسعى بين يدي البعض في الظلمات مع قرب المكان وازدحام الناس، ويكون أحدهم يغرق في عرقه حتى يلجمه أو يبلغ منه عرقه ما شاء الله جزاء لسعيه في الدنيا، والآخر في ظل العرش على قرب المكان والمجاورة كذلك كانوا في الدنيا، يمشي المؤمن بنور إيمانه في الناس والكافر في ظلام كفره، والمؤمن في وقاية الله وكفايته، والكافر والعاصي في خذلان الله لهما، وعدم العصمة، والمؤمن السني يكرع في سنة رسول الله ويروى ببرد اليقين ويمشي في سبيل الهداية بحسن الاقتداء، والمبتدع عطشان إلى ما روي المؤمنين به (٦)، حيران لا يشعر، سالك في مسالك ضلالات البدع وهو لا يدري، كذلك في الوجود، الأعمى لا يجد نور بصر البصير ولا ينفعه دواء، وإنما هي بواطن ظهرت، وظواهر بطنت، فتشعر لذلك وتفطَّن، واستعن بالله يُعنك، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

وقال أبو حامد (٧): واعلم أن كل عرق لم يخرجه التعب في سبيل الله من حج، وجهاد، وصيام، وقيام وتردد في قضاء حاجة مسلم، وتحمل مشقة في أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، فيستخرجه (٨) الحياء والخوف في صعيد القيامة ويطول فيه الكرب، ولو سلم ابن آدم من الجهل والغرور لعلم أن تعب


(١) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٢) في (الأصل): مجاوزة، وتصويبه من (ع، ظ، م).
(٣) في (ع): هذا عليك.
(٤) في (ع، ظ): رحمك.
(٥) في (ع): وموقف واحد.
(٦) في (ع، ظ): روي المؤمن به.
(٧) في الإحياء ٤/ ٥١٥.
(٨) في (ع): فيخرجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>