للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني (١): واختلفوا في الصغائر، والذي عليه الأكثر أن ذلك غير جائز عليهم، وصار بعضهم إلى تجويزها ولا أصل لهذه المقالة.

وقال بعض المتأخرين ممن ذهب إلى القول الأول: "والذي ينبغي أن يقال: إن الله تعالى قد أخبر بوقوع ذنوب [من] (٢) بعضهم، ونسبها إليهم، وعاتبهم عليها، وأخبروا بها من نفوسهم وتنصلوا منها واستغفروا منها وتابوا، وكل ذلك ورد في مواضع كثيرة لا يقبل التأويل جملتها وإن قبل ذلك آحادها، وكل ذلك مما لا يزري بمناصبهم وإنما تلك الأمور التي وقعت منهم على جهة (٣) الندور، وعلى جهة الخطأ والنسيان أو تأويل دعا إلى ذلك، فهي إلى غيرهم حسنات وفي حقهم سيئات بالنسبة إلى مناصبهم، وعلو أقدارهم؛ إذ قد يؤاخذ الوزير بما يثاب عليه السائس، فأشفقوا من ذلك في موقف القيامة مع علمهم بالأمن والأمان والسلامة.

وهذا هو الحق (٤).

ولقد أحسن الجنيد حيث قال: حسنات الأبرار سيئات المقربين (٥).

فهم صلوات الله وسلامه عليهم وإن كانوا قد شهدت النصوص بوقوع ذنوب منهم فلم (٦) يخل ذلك بمناصبهم، ولا قدح في رتبتهم (٧)، بل قد (٨) تلافاهم، واجتباهم، وهداهم ومدحهم، وزكاهم، واختارهم، واصطفاهم صلوات الله وسلامه عليهم" (٩).


(١) إبراهيم بن محمد إبراهيم بن مهران، أبو إسحاق الإسفراييني، الأصولي الشافعي، له تصانيف منها: جامع الخلي في أصول الدين والرد على الملحدين)، توفي بنيسابور سنة ٤١٨ هـ، السير ١٧/ ٣٥٣.
(٢) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ، والمفهم).
(٣) في (ع): وجه.
(٤) في (ع، ظ): قال: وهذا هو الحق.
(٥) ذكره الخطيب في تاريخ بغداد ٤/ ٢٧١ عن أبي سعيد الخراز.
(٦) في (ع): فلا.
(٧) وإذا وقع منهم خطأ أو صغيرة لم يقروا عليه، ونبهوا عليه وتابوا منه.
(٨) (قد): ليست في (ظ).
(٩) هذا نص كلام أبي العباس القرطبي في كتابه المفهم ١/ ٤٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>