للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برأيهم وتحكمًا على كتاب (١) الله تعالى وسنة رسول الله (٢) بعقول ضعيفة وأفهام سخيفة، فقالوا: لا يجوز في حكم الله تعالى وعدله أن يضع سيئات من اكتسبها على من لم (٣) يكسبها، ويؤخذ حسنات من عملها فتعطى لمن لم يعملها، وهذا زعموا جورًا، وأوَّلوا قول الله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤، الإسراء: ١٥]، فكيف تصح هذه الأحاديث، وهي تخالف ظاهر الكتاب وتستحيل في العقل (٤)؟

والجواب: إن الله سبحانه لم يبن أمور الدين على عقول العباد، ولم يعد ولم يوعد على ما تحتمله عقولهم ويدركونها بأفهامهم، بل وعد وأوعد (٥) بمشيئته وإرادته وأمر ونهى بحكمته (٦)، ولو كان كلما (٧) لا تدركه العقول (٨) مردودًا لكان أكثر الشرائع مستحيلًا على موضوع عقول العباد؛ وذلك أن الله تعالى أوجب الغسل بخروج المني الذي هو طاهر عند بعض الصحابة وكثير من الأئمة (٩)، وأوجب غسل الأطراف من الغائط الذي لا خلاف بين الأمة وسائر من يقول بالعقل وغيرهما (١٠) في نجاسته وقذارته ونتنه، وأوجب بريح تخرج من موضع الحدث ما أوجب بخروج الغائط الكثير المتفاحش، فبأي عقل يستقيم هذا؟ أو بأي (١١) رأي يجب مساواة ريح ليس لها عين قائمة بما تقوم عينه (١٢)؟ وتزيد (١٣) على الريح نتنًا وقذرًا، وقد أوجب الله قطع يمين مؤمن (١٤) بعشرة دراهم، وعند بعض الفقهاء بثلاثة دراهم ودون ذلك ثم سوى بين هذا القدر من المال وبين مائة ألف دينار، فيكون القطع فيهما سواء؟ وأعطى الأم


(١) (كتاب): ليست في (ظ).
(٢) في (ع): نبيه محمد، وفي (ظ): سنة رسوله.
(٣) في (ع): لا.
(٤) (ع): العقول.
(٥) في (ع): أوعد ووعد.
(٦) في (ظ): بحكمه.
(٧) في (ع): كل من.
(٨) في (ع): لا يدركه العقل.
(٩) في (ع): من هذه الأمة، وفي (ظ): من الأمة.
(١٠) في (ع): وغيرها.
(١١) في (ع، ظ): وبأي.
(١٢) في (ع): يقوم عليه.
(١٣) في (ع): أو تزيد.
(١٤) (مؤمن): ليست في (ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>