للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنَا حَاسِبِينَ (١)[الأنبياء: ٤٧] ثبت أن الكفار يسألون عما خالفوا فيه الحق من أصل الدين وفروعه إذا (٢) لم يسألوا عما خالفوا فيه أصل دينهم من ضروب تعاطيهم ولم يحاسبوا به ولم يعتد بها في الوزن (٣) أيضًا، فإذا كانت موزونة دل على أنهم يحاسبون بها وقت الحساب، وفي القرآن ما يدل على أنهم مخاطبون بها، مسؤولون عنها، محاسبون بها، مجزيون على الإخلال بها، لأن الله تعالى يقول: ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ [فصلت: ٦ - ٧] فتوعدهم على منعهم الزكاة وأخبر عن المجرمين أنه يقال لهم: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾ [المدثر: ٤٢] الآية، فبان بهذا أن المشركين مخاطبون بالإيمان بالبعث وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأنهم مسؤولون (٤) عنها محاسبون بها مجزيون على الإخلال بها.

وفي البخاري (٥) عن أبي هريرة عن النبي أنه قال (٦): "ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة، واقرؤوا إن شئتم: ﴿فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا﴾ [الكهف: ١٠٥].

قال العلماء: معنى هذا (٧) الحديث أنه لا ثواب لهم وأعمالهم مقابلة بالعذاب فلا حسنة لهم (٨) توزن في موازين القيامة، ومن لا حسنة له فهو في النار.

وقال أبو سعيد الخدري : يؤتى بأعمال كجبال تهامة فلا تزن شيئًا (٩).

وقيل: يحتمل أن يريد (١٠) المجاز والاستعارة، كأنه قال: فلا قدر لهم عندنا يومئذ، والله أعلم.


(١) ﴿وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾: ليست في (ع).
(٢) في (ع): إذ.
(٣) في (ع): الميزان.
(٤) في (الأصل): مسلون، وتصويبه من (ع، ظ).
(٥) في صحيحه ٤/ ١٧٥٩، ح ٤٤٥٢.
(٦) في (ظ، والبخاري): قال إنه.
(٧) (هذا): ليست في (ظ).
(٨) في (الأصل): له، وتصويبه من (ع، ظ).
(٩) روي نحوه ابن الأعرابي في كتابه الزهد وصفة الزاهدين ص (٦٩)، مرفوعًا من حديث أنس .
(١٠) في (ع): يراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>