للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "فإنكم ترونه كذلك"، هذا تشبيه للرؤية وبحالة الرائي لا المرئي لأن الله سبحانه لا يحاط به وليس كمثله شيء، ولا يشبهه شيء.

وقوله: "فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون"، هذا موضع الامتحان لتمييز (١) المحق من المبطل، "وذلك أنه لما بقي المنافقون والمراؤون متلبسين (٢) بالمؤمنين والمخلصين زاعمين (٣) أنهم منهم وأنهم عملوا مثل أعمالهم وعرفوا الله مثل معرفتهم امتحنهم الله (٤) بأن أتاهم بصورة قال (٥) للجميع: أنا ربكم، فأجاب المؤمنون بإنكار ذلك، والتعوذ منه لما سبق لهم من معرفتهم بالله ﷿ في ديار الدنيا (٦)، وأنه منزه عن صفات هذه الصورة، إذ سماتها سمات المحدثات، ولهذا قال في حديث أبي سعيد الخدري : فيقولون: نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئًا، مرتين أو ثلاثًا، حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب" (٧).

قال بعض علماؤنا (٨): "وهذا (٩) لم يكن له رسوخ العلماء، ولعلهم (١٠) الذين اعتقدوا الحق وجزموا عليه (١١) من غير تبصرة، ولذلك كان اعتقادهم قابلًا للانقلاب (١٢) "، والله أعلم.

قلت: ويحتمل أن يكون (١٣) المنافقون والمراءون، وهو أشبه والله أعلم؛ لأن في الامتحان الثاني يتحقق ذلك، لأن في حديث أبي


(١) في (ع): ليمييز.
(٢) في (الأصل): ملتبسون، وما أثبته من (ع، ظ، والمفهم لأبي العباس القرطبي).
(٣) في (الأصل): زاعمون، والتصويب من (ع، ظ) ولأن موقع الكلمة حال.
(٤) في (الأصل): عملوا مثل أعمالهم وعرفهم امتحنهم الله، وتصويب الجملة من (ع، ظ).
(٥) في (ع): قالت.
(٦) (في ديار الدنيا): ليست في (ع).
(٧) ما بين أقواس التنصيص هو نص كلام أبي العباس القرطبي في كتابه المفهم ١/ ٤١٦ - ٤١٧.
(٨) في (ع، ظ): قال شيخنا أبو العباس أحمد بن عمر كتاب المفهم في شرح اختصار كتاب مسلم، وهو في كتابه المفهم ١/ ٤١٧.
(٩) في (ظ): وهذا لمن.
(١٠) في (ع): أو لعلهم.
(١١) في (ع): وجزموا به.
(١٢) في (ظ): قابلًا للانقلاب عليهم.
(١٣) في (ظ): أن يكونوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>