للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولهم كلمح البرق ثم كالريح ثم كَحُضْرِ الفَرَسِ (١)، ثم كالراكب في رحله، ثم كشد الرجل في مشيه".

وقال : "لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم"، خرجه الأئمة (٢).

قال الزهري: كأنه يريد هذه الآية: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾، ذكره أبو داود الطيالسي في مسنده (٣). وهذا بيِّن لما ذكرناه (٤)؛ لأن المسيس حقيقة في اللغة المماسة، إلا أنها تكون بردًا وسلامًا على المؤمنين وينجون منها سالمين.

قال خالد بن معدان (٥): إذا دخل أهل الجنة الجنة قالوا: ألم يقل ربنا إنا نرد النار؟ فيقال: قد وردتموها فألفيتموها رمادًا (٦).

قلت: والذي يجمع شتات الأقوال أن يقال: إن من وردها ولم تؤذه بلهبها وحرها فقد أُبعد عنها ونُجي منها، نجانا الله منها بفضله وكرمه، وجعلنا ممن وردها فدخلها (٧) سالمًا، وخرج منها غانمًا.

وروى ابن جريج عن عطاء قال: قال أبو راشد الحروري لابن عباس : ﴿لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا﴾ [الأنبياء: ١٠٢]، فقال له (٨) ابن عباس: أمجنون أنت؟ فأين قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾، وقوله: ﴿فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ﴾ [هود: ٩٨] وقوله: ﴿إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا﴾ [مريم: ٨٦]، ولقد كان دعاء من مضى: اللهم أخرجني من النار سالمًا، وأدخلني الجنة فائزًا (٩).

وقد أشفق كثير من العلماء من تحقق الورود، والجهل بالصدر،


(١) أي كَعْدوِ - جري - الفرس، النهاية في غريب الحديث ١/ ٣٩٨.
(٢) مسلم في صحيحه ٤/ ٢٠٢٨، ح ٢٣٠٤؛ والترمذي في جامعه ٣/ ٣٧٤، ح ١٠٦٠؛ والنسائي في المجتبى ٤/ ٢٥، ح ١٨٧٥.
(٣) ص (٣٠٤)، ح ٢٣٠٤.
(٤) في (ع، ظ): يبين لك ما ذكرناه.
(٥) ذكر قوله النحاس في معاني القرآن له ٤/ ٣٩٤.
(٦) في (معاني القرآن): وردتموها وهي جامدة.
(٧) (فدخلها): ليست في (ع، ظ).
(٨) (له): ليست في (ع).
(٩) ذكره الطبري في تفسيره ١٦/ ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>